318

وأما ثانيا: فلو فرضنا أن أنسا نفى السماع أو نفى الجهر، فقد يكون ذلك لفرط النسيان فلا يكون ذلك حجة على من روى عنه أنه ما يفيد أنه لا يدري، لأن النسيان الخفيف قد يبقى معه شك، أما النسيان المفرط فيمكن أن يحصل معه اعتقاد العدم، وذلك في هذه المسألة قريب لأن المنسي في الحقيقة يكون على التقدير المذكور هو الجهر، والرواية لنفي السماع أو لنفي الجهر هو أمر يمكن بعد نسيان الجهر، ومع نسيانه فليست المسألة في التحقيق من أمثلة نسيان الراوي ما رواه، إنما ذلك لو نسي الجهر وقد كان رواه فإثباته يكون عن تحقق الجهر، والمنسي حينئذ هو عين ما رواه. أما إذا كان المنسي هو الجهر، والمروي عدم السماع أو عدم الجهر، فالمسألة لا تترجح فيها رواية نفي السماع ونفي الجهر، لأن المنسي هو الجهر في التحقيق والمروي هو عدمه، وخصوصا والراجح أن السؤال الذي كان جوابه: « أنك لتسألني عن شيء ما سألني عنه أحد » أنه كان سابقا قبل أن كثر الخوض في المسألة بعد اشتهار الخلاف فيبعد أن لا يسأله أحد حتى نسي كما قدمنا، فلذلك قلنا: إن الراجح سبق السؤال وجوابه بقوله: ما سألني عنه أحد.

قال مقبل: وبهذا تعلم أنه لم تبق علة من العلل التي أوردها السيوطي وتعلم أنه قد أخطأ حيث جمع العلل وصبها على الحديث، مع أن بعض العلل التي ذكرها لا تتناول بعض الطرق.

والجواب: قد أجبنا عن هذا بما فيه كفاية.

قال مقبل: ولكنه أراد أن ينصر المذهب، ورحم الله الحافظ ابن حجر إذ ذكر بعض هذه العلل في الفتح وأجاب عليها بما يشفي، ورد بعضها إلى بعض تأييدا للحق ونصرة للسنة المطهرة وخدمة للحديث النبوي.

صفحه ۳۲۴