ولنرجع إلى بيان أن قبول الراوي أو رده اجتهادي، فنقول: قال محمد بن إبراهيم الوزير في الروض الباسم في ( ص 126 ) في الكلام في أبي جعفر الرازي: قال الحافظ عبد العظيم ; قد اختلف قول ابن المديني وابن معين وأحمد بن حنبل، فقال المديني مرة: ثقة، وقال مرة: كان مخلطا. وقال أحمد مرة: ليس بقوي، وقال مرة: صالح الحديث، وقال ابن معين مرة: ثقة يكتب حديثه إلا أنه يخطئ. قال أبو زرعة الرازي: يهم كثيرا. وقال الفلاس: سيئ الحفظ. قال محمد بن إبراهيم: مجموع كلامهم يدل على أنه صدوق يخطئ ويهم. فلهذا اضطربوا في توثيقه لأن معرفة حد الوهم الذي يجب معه ترك الصدوق دقيقة اجتهادية، يكون فيها للحافظ قولان، كما يكون للفقيه قولان في دقيق مسائل الفقه....
العلماء والجرح المطلق
وقال في ( ص 87 ) في الجرح المطلق الذي لم يبين فيه سبب الجرح: « والصحيح عند المحققين أنه لا يجرح به، لاختلاف الناس في الأسباب التي يجرح بها، وتفسير جماعة من الثقات ما أطلقوه من الجرح بأمور لا يوافقون على الجرح بها...».
فبين أن هذا يكون فيه الخلاف باختلاف المذاهب، فإن اتباع الجارح من دون مطالبته بحجة تقليد، وكذلك التعديل ممن لا يعرف مذهبه في العدالة، ومن هو مخالف فيما يعدل به، لأنه يؤخذ في معنى العدالة السلامة مما يجرح به، فإذا اختلف فيما يجرح به فقد اختلف في معنى السلامة مما يجرح به، فيكون قد وقع الخلاف في العدالة تبعا للخلاف في الجرح.
ومما يدل على صحة اختلاف العلماء في الجرح والتعديل، تبعا لاختلافهم في الرأي، أن ابن حبان وأبا حاتم الرازي اختلفا في حديث سدير الصيرفي.
فقال فيه ابن حبان، في كتاب المجروحين ( ج 1 ): سدير بن حكيم الصيرفي: من أهل الكوفة يروي عن محمد بن علي، روى عنه الثوري، منكر الحديث جدا على قلة روايته، كان ابن عيينة يقول: رأيته وكان كذابا....
صفحه ۲۱