وعين الرضا عن كل عيب كليلة***ولكن عين السخط تبدي المساويا
وقبول قوله إذا قال: « لا يتابع عليه » تقليد، لأنه قد يكون له متابع، لكنه لم يطلع على روايته المتابعة، أو لم يعتبره شيئا لفرط ضعفه عنده، أو لسقوطه، وليس ضعيفا ولا ساقطا في الواقع، أو ظنه سرق الحديث وليس سارقا، وإنما ساء ظنه فيه لأنه شيعي روى بعض الفضائل مثلا، فلم يعتبر روايته متابعة للراوي الآخر، فقبول قوله: « لا يتابع عليه » تقليد.
رجال الحديث والجرح والتعديل
فقد بان أن هذه الاحتجاجات الصورية إنما هي دعاوى، وأن قبولها تقليد إذا لم يكن عن دليل يدل على صدقها. وقد أشار الذهبي إلى أن هذا نظري اجتهادي، حيث قال في ترجمة أبان بن حاتم الأملوكي في الميزان، فيما حكاه ابن حجر عن الذهبي في لسان الميزان ( ج 1 ص 9 ) ولفظه: « كما إذا قلت: صدوق، وثقة، وصالح، ولين، ونحو ذلك، ولم أضفه إلى قائل فهو من قولي واجتهادي... ». فصرح بأن ذلك اجتهاد. وكذلك أشار ابن حجر في ( لسان الميزان ) أيضا ( ج 1 ص 14 ) فقال: قال ابن حبان: من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السبر، ولو كان ممن يروي المناكير، ووافق الثقات في الأخبار لكان عدلا مقبول الرواية، إذ الناس في أقوالهم على الصلاح والعدالة، حتى يتبين منهم ما يوجب القدح. هذا حكم المشاهير من الرواة، فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكون على الأحوال كلها.
قال ابن حجر: « وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت عنه جهالة عينه كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه مذهب عجيب، والجمهور على خلافه، وهذا هو مساك بن حبان في ( كتاب الثقات ) الذي ألفه... ». فسماه مذهبا ولم يجعله رواية.
صفحه ۱۷