فنقول لك: فإذا كان سلفك قد ضللوا كثيرا من الشيعة وكذبوهم وجعلوهم دجالين لأنهم رووا ما يخالف عقيدة سلفكم في عثمان وغيره، فلماذا لا ترد على ابن الجوزي وابن معين والذهبي هذا الغلو، وتحذرهم من عقائدهم المبنية على روايات العثمانية، وتبين لهم كذب كثير من العثمانية في الروايات التي يروونها لنصرة مذهبهم، إن كنت تريد نصح الأمة كلها وتردها عن خطأها في تضليل كل طائفة الأخرى من الطرفين ؟ وكيف وقعت فيما عبته، حيث ضللت الشيعة، وقررت رد حديثهم، واجتهدت في جمع من طعن فيه منهم، ولم تفعل ذلك بالعثمانية ؟
فإن قلت: إن العثمانية أهل صدق وليس لهم مثل رواة الشيعة.
قلنا: هذه دعوى يكذبها البحث، وإذا كان جهلك قد بلغ بك هذا الحد، فإن غيرك لا يجهل، فقد جمع بعضهم في هذا المعنى جمعا كبيرا، وقد قال ابن حجر ولم ينصف في لسان الميزان ( ج 1 ص 13 ): وأما الفضائل فلا تحصى، كم وضع الرافضة في فضل أهل البيت وعارضهم جهلة أهل السنة بفضائل معاوية بدءا وبفضائل الشيخين... الخ.
وقلت: لم ينصف، لأنه نسب الوضع إلى الروافض على مذهبه عموما، وإلى جهلة أهل السنة على مذهبه خصوصا، وجعل ابتداء الوضع من الروافض، ولسنا نقلد في هذا أي في الجرح برواية ما يخالف المذهب ولكن ينظر إلى وجه وقعت عليه الرواية يدل على تعمد الكذب أو يوجب التهمة بذلك، ولكن أردنا أن ما صنعته العثمانية بالشيعة لا تعجز الشيعة أن تصنع مثله بالعثمانية. ويترتب على ذلك تعديل عدد ممن جرحتهم العثمانية من الشيعة، وجرح عدد ممن وثقهم العثمانية من رواتهم، بروايتهم ما هو عند الشيعة مناكير لا يشهد لها الكتاب ولا سنة معلومة، ويترتب على ذلك سقوط روايات كثيرة وثبوت روايات كثيرة.
صفحه ۱۵