والذي يدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولاجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون} [النحل: 41،42] [فقال تعالى: {الذين صبروا}]وليس الصبر إلا على ما يتحمل من المشاق، وذلك منها، فتأمل.
وقوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}[آل عمران:146] إلى قوله تعالى: {فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين}[آل عمران:148] فقال تعالى: {فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة} والفاء للتعقيب، والمعنى: أن الله سبحانه آتاهم ذلك بعد الصبر، وأيضا أن من المعلوم لمن بحث في السير أن المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقع لهم الرخاء إلا بعد الشدة والبلاء، شهد بذلك قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم... الآية}[البقرة:214].
صفحه ۳۶۸