كذلك حتى أوائل المائة الثانية؛ حيث قيض الله من قام بتدوين السُّنة الشريفة من العلماء والفقهاء، ﵏ ورضي عنهم جميعًا.
التَّشْريعُ الإسلامِيّ
في عَهْدِهِ الذَّهبيِّ
ويبدأ هذا العهد من عهد الخلفاء الراشدين حتى ظهور المذاهب الفقهية، وتدوين مبادئ الشريعة من الكتب والمصنفات.
والملاحظ أن التشريع في هذه الفترة قد مر بمرحلتين متمايزتين:
١ - المرحلة الأولى مرحلة الخلفاء الراشدين وأوائل التابعين إلى آخر القرن الثاني الهجري.
٢ - المرحلة الثانية من وقت ظهور المذاهب الفقهية وتدوين الفقه إلى آخر القرن الرابع ممتدة إلى وقتنا هذا.
أولًا: المرحلة الأولى:
لقد امتدت الفتوحات ألإسلامية، واتسعت الممالك الجديدة في عهد الخلفاء الراشدين من الهند إلى الأندلس إلى غرب إفريقية، ودخل في دين الله أمم شتى؛ كفارس، والروم، والعراق، ومصر، والشام، وتفاعلت الحضارة العربية بحضارات الشرق والغرب، وتشعبت الأمور، وكثرت النوازل، وواجه المسلمون آنذاك وقائع لا عهد لهم بها، ولم يرد بها نص في كتاب أو سنة؛ لذا ظهر الفقهاء المفتون والقضاة المجتهدون في كل الأمصار، فأسسوا المبادئ وقعدوا القواعد، وقاسوا النظير على النظير والشبيه على الشبيه، وتنوعت أفكارهم ومشاربهم في كيفية الوصول إلى الضالة المنشودة، وقد تميزت هذه المرحلة بسمات أساسية منها:
١ - ظهور مواهب وأسرار الشريعة الإسلامية، وزادت سيطرة الأمة ورقابتها على متابعة الخلفاء لنصوص الشريعة وتحري اتباع الحق الواضح؛ وذلك تلبيةً لمبدأ الشورى الذي أقره الإسلام.
٢ - حيث كثرت النوازل والوقائع التي لم يكن للمسلمين بها عهد- بدأ التوسع في التفريع والاستنباط، ولقد اقتصر آنذاك على ما جدّ من الحوادث، وترك ما لم يحدث؛ حرصًا على الوقت الثمين الذي صرف في تدبير أمور الدولة وإدارة شؤونها؛ كما أن هذا الاستنباط والتفريع إنما صدر منهم عن حزم وتبصُّر على أساس الشورى فيما بينهم.
1 / 27