فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما، ولم يعد الآخر، فصوبهما رسول الله ﷺ وقال للذي لم يُعد: "أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك"، وقال للذي أعاد: "لك الأجر مرتين".
ولقد كان اجتهاد الصحابة في الحالات التي تعذر الرجوع فيها إلى الرسول- ﷺ واستفتاؤه في الأمر؛ وعلى هذا فلا يظن أن الاجتهاد مصدر ثالث للشريعة في عهده ﷺ؛ لأن اجتهاد النبي مرجعه الوحي، فإن كان صوابًا أقر عليه، وإن كان خطأ نبه إلى وجه الخطأ فيه.
وعلى هذا، لا يصح -نظريًا- اعتبار الاجتهاد في عصره- ﷺ مصدرًا مستقلًا للشريعة؛ إذ كان مرجعه إلى السنة.
القرآنُ الكريمُ مَصْدَرُ التَّشْرِيعِ الأَوَّلُ
عرف العلماء القرآن الكريم بأنه اللفظ العربي المنزل على سيدنا محمد ﷺ المنقول بالتواتر، المبدوء بسورة الفاتحة، المختوم بسورة الناس.
وهو أيضًا حبل الله المتين من تمسك به نجا، ومن حاد عنه ضل؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٥٧].
يقول الإمام المازني: "القرآن قاعدة الإسلام، وقطب الأحكام، ومفزع أهل الملة ووزرهم، وآية رسولهم، ودليل صدق نبيهم".
ومعظم آيات القرآن تتعلق بالتوحيد، والأدلة الدالة عليه، ورد عقائد المضللين والملحدين، وإثبات الثواب والمعاد، ووصف يوم القيامة وأهواله، وما أعده للطائعين وللعاصين، وتضمن أيضًا أخبار الأمم الماضية والتنكير، وذكر أسماء الله وآلائه وبيان صفاته.
وتعلقت بقية الآيات بالأحكام الفقهية وهي قليلة بالنسبة للأغراض السابقة.
كيفيَّةُ نُزُولِ القُرْآنِ الكَرِيمِ
يقول تعالى: ﴿وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء: ١٠٦].
1 / 18