إن الحياة موجودة فى الحيوان والنبات؛ غير أن حياة الحيوان بينة ظاهرة، وحياة النبات خفية غامضة يحتاج فيها إلى بحث واستقصاء حتى يوصل إلى سبيل الحق فيها. ليت شعرى! للنبات نفس، وقواها كالقوة المشهية والقوة المميزة للغم واللذة، أو ليس له شىء من ذلك؟ أما أنكساغورس وهمفدوقلس فزعما أن للنبات شهوة وحسا وغما ولذة. وزعم أنكساغورس أنه حيوان، وأنه يفرح ويحزن، وزعم أن دليله على ذلك انتثار ورقه فى حينه. وأما همفدوقلس فزعم أن ذكوره وإناثه مختلطة. وأما أفلاطون فقال إن للنبات قوة الشهوة فقط، وذلك لاضطراره إلى الغذاء؛ وإن صح للنبات قوة الشهوة وجبت له اللذة والحزن والحس. فليت شعرى: نوم ويقظة للنبات، وذكور وإناث، أو شىء يجنمع من الذكر والأنثى على ما زعم همفدوقلس؟ أم ليس له نفس؟ — فان كثرة الاختلاف الواقع فى نفس النبات مما يخرجنا إلى البحث الطويل عن جميع حالاته، وأصلح الأشياء قطعه ونفى الشك عنا فيه لئلا نحتاج فى سائر الأشياء إلى بحث طويل. ومن الناس من قال إن للنبات نفسا، لما رأى من توالده، واغتذائه ونمائه، وشبابه وهرمه، إذ لم يجد فى شىء من [هذه] الأشياء التى لا نفس لها ما يشارك النبات فى هذه الأشياء. وإن وجبت هذه الأشياء للنبات، وجبت له الشهوة أيضا.
صفحه ۲۴۴