392

{ فاصطادوا } هو أمر إباحة لا أمر وجوب لأن الصيد كان قبل الحج حلالا فمنع منه الحاج فلما زال المانع رجع لأصله من الحل قرأ أبو واقد والجراح ونبيح والحسن بن عمران فاصطادوا بكسر الفاء.

قال الزمخشري: قيل هو بدل من كسر الهمزة عند الابتداء. قال ابن عطية: هي قراءة مشكلة ومن توجيهها أن يكون راعي كسر ألف الوصل إذا بدأت فقلت: اصطادوا، بكسر الفاء مراعاة وتذكر لكسرة ألف الوصل. " انتهى ". وليس عندي كسرا محضا إنما هو من باب الإمالة المحضة لتوهم وجود كسرة همزة الوصل كما أمالوا الفاء في فإذا لوجود كسر إذا.

{ ولا يجرمنكم } أي لا يحملنكم. يقال: جرمني كذا على بغضك أي حملني. وقرىء شنآن بفتح النون وسكونها وهو البغض. وفعله شني بكسر النون. وذكر له في البحر ثلاثة عشر مصدرا. وقال سيبويه: كل بناء كان من المصادر على فعلان بفتح العين لم يتعد فعله إلا أن يشذ شيء كالشنآن.

وقرىء: ان صدوكم بكسر الهمزة حرف شرط وبفتحها على التعليل أي لأن صدوكم. وقوله: { أن تعتدوا } أي على الاعتداء أي لا يحملنكم بغضهم على الاعتداء ومن فسر لا يجرمنكم بمعنى لا يكسبنكم البغض فهو يتعدى إلى اثنين أحدهما ضمير الخطاب. والثاني: قوله: ان تعتدوا فالمعنى لا يكسبنكم البغض الاعتداء عليهم.

{ على البر والتقوى } قال ابن عباس: البر ما أمرت به والتقوى ما نهيت عنه. { ولا تعاونوا على الإثم } أي المعاصي. { والعدوان } التعدي في حدود الله. { إن الله شديد العقاب } تقدم الأمر بإيفاء العقود وتحليل وتحريم ونهي عن أشياء فناسب أن يختم بالأمر بالتقوى والاخبار بأنه تعالى شديد العقاب لمن أمره ونهاه عن شيء فما انتهى.

[5.3]

{ حرمت عليكم } تقدم الكلام على هذه الأربعة في البقرة. { والمنخنقة } هي التي يحبس نفسها حتى تموت سواء أكان حبسه بحبل أو يد أو غير ذلك. والوقد: ضرب الشيء حتى يسترخي ويشرف على الموت. وقيل الموقوذة: المضروبة بعصا أو حجر لا حد له فتموت بلا ذكاة ويقال وقذه النعاس: غلبه. ووقذه الحكم: سكنه. التردي: السقوط في بئر أو التهور من جبل. ويقال ردي وتردى: أي هلك. ويقال ما أدري انى ردي: أي ذهب. { والنطيحة } هي التي ينطحها غيرها فتموت بالنطح. وهي فعيلة بمعنى مفعولة صفة جرت مجرى الأسماء فوليت العوامل ولذلك ثبتت فيها الهاء. { إلا ما ذكيتم } استثناء راجع للأنواع الخمسة فما وجد منها به رمق وذكى حل الله والتذكية الذبح.

{ وما ذبح على النصب } النصب جمع نصاب وهي مجارة منصوبة حول الكعبة كان أهل الجاهلية يذبحون عليها لآلهتهم ولها أيضا وتلطخ بالدماء ويوضع عليها اللحم قطعا قطعا ليأكل منها الناس.

{ وأن تستقسموا بالأزلام } الأزلام القداح واحدها زلم. وزلم بضم الزاي وفتحها: وهي السهام. كان أحدهم إذا أراد سفرا أو غزوا أو تجارة أو نكاحا أو أمرا من معاظم الأمور ضرب بالقداح وهي مكتوب على بعضها نهاني ربي، وعلى بعضها أمرني ربي، وبعضها غفل، فإن خرج الآمر مضى لطلبته وإن خرج الناهي أمسك وإن خرج الغفل أعاد الضرب. وذكر هذه المرحمات هو تفضيل لما أجمل في عموم قوله: إلا ما يتلى عليكم وبهذا صار المستثني منه والمستثني معلومين وان تستقسموا هذا معطوف على ما قبله أي وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام وهو طلب معرفة القسم وهو النصيب أو القسم وهو المصدر وذكر مع المطاعم لأنهم كانوا يوقعون الاستقسام عند البيت.

{ ذلكم فسق } الظاهر أنه إشارة إلى الاستقسام بالأزلام إذ كان فيه استخراج شيء من المغيبات التي انفرد الله بعلمها. { اليوم يئس الذين } اليأس قطع الرجاء. يقال يأس بالهمز بيأس وييئس، ويقال: أيس، وهو مقلوب من يئس ودليل القلب تخلف الحكم عما ظاهره انه موجب له الا ترى أنهم لم يقبلوا ياءه الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فلم يقولوا آس، كما قالوا: هات واليوم الألف واللام فيه للعهد وهو يوم عرفة، قاله مجاهد وابن زيد. وقيل: هو يوم نزولها بعد العصر في حجة الوداع يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الموقف على ناقته وليس في الموقف مشرك. وقيل: اليوم الذي دخل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم مكة لثمان بقين من شهر رمضان سنة تسع، وقيل: سنة ثمان، ونادى مناديه بالأمان لمن لفظ بشهادة الاسلام ولمن وضع السلاح ولمن أغلق بابه.

صفحه نامشخص