391

قال ابن عطية: لأن غير محلي الصيد هو في المعنى بمنزلة غير مستحل إذا كان صيدا. " انتهى ". ولا يحتاج إلى هذا التكليف على تخريجنا محل الصيد وأنتم حرم، جملة حالية. وحرم: جمع حرام. ويقال: أحرم الرجل أي دخل في الإحرام بحج أو عمرة أو بهما فهو محرم. وحرام وأحرم الرجل دخل في الحرم. قال الشاعر:

فقلت لها فيىء إليك فإنن

حرام وإني بعد ذلك لبيب

أي ملب. ويحتمل الوجهين قوله: وأنتم حرم إذ الصيد يحرم على من كان في الحرم وعلى من كان كان أحرم بالحج أو العمرة وهو قول الفقهاء، وقال الزمخشري: وأنتم حرم حال من محلي الصيد، كأنه قيل: أحللنا لكم بعض الانعام في حال امتناعكم عن الصيد وأنتم محرمون لئلا يتحرج عليكم. " انتهى ". وقد بينا فساد هذا القول بأن الانعام مباحة مطلقا لا بالتقييد بهذه الحال.

{ إن الله يحكم ما يريد } هذه الجملة جاءت مقوية لهذه الأحكام الشرعية المخالفة لمعهود أحكام العرب من الأمر بإيفاء العقود وتحليل بهيمة الانعام والاستثناء منها ما يتلى تحريمه مطلقا في الحل والحرم إلا في الاضطرار واستثناء الصيد في حالة الإحرام، وتضمن ذلك حله لغير المحرم. فهذه خمسة أحكام ختمها بقوله: { إن الله يحكم ما يريد } ، فموجب الحكم والتكليف هو إرادته لا اعتراض عليه ولا معقب لحكمه، لا ما تقوله المعتزلة من مراعاة المصالح.

[5.2]

{ شعآئر الله } تقدم تفسيرها في البقرة. والشعائر هي ما حرم الله تعالى مطلقا سواء كان في الإحرام أو غيره. والشهر الحرام مفرد حلى بأل الجنسية فالمراد به عموم الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، والمعنى لا تحلوا بقتال ولا غارة ولا نهب.

{ ولا الهدي } لا خلاف ان الهدى ما أهدى من النعم إلى بيت الله وقصدت به القربة فأمر الله أن لا يستحل ولا يغار عليه. { ولا القلائد } قال الجمهور: هي ما كانوا في الجاهلية يتقلدون به من شجر الحرم ليأمنوا فنهى المؤمنون عن فعل الجاهلية وعن أخذ القلائد من شجر الحرم. { ولا آمين البيت الحرام } قرىء آمى البيت الحرام بحذف النون للإضافة، ويقال: أممت الشيء أي قصدته، ولا آمين أي لا تحلو منع من قصد البيت الحرام. لحج وعمرة باستيفاء مناسكهما وهذه المعاطف الأربعة مندرجة في عموم قوله: لا تحلوا شعائر الله فكان ذلك تخصيصا بعد تعميم. { يبتغون } جملة حالية. وقرىء ورضوانا بكسر الراء وضمها وهو مصدر رضى رضي ورضوانا. { وإذا حللتم } تقدم شيآن أحدهما تحريم الصيد للحرم لقوله تعالى:

غير محلي الصيد وأنتم حرم

[المائدة: 1]. والثاني قوله في الجملة التي تأتي بعدها وهو قوله: { ولا آمين البيت الحرام } ، فرجع قوله: { وإذا حللتم } للأول. وقوله: { ولا يجرمنكم شنآن } وهذا من أجل الفصاحة ومعنى وإذا حللتم أي من مناسك الحج.

صفحه نامشخص