تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
ژانرها
وأما العالمين: فهو جمع العالم بفتح اللام بمعنى ما يعلم به كالقالب والخاتم والطابع بمعنى ما يقلب به وما يختم به وما يطبع به، يطلق على جميع الموجودات وعلى كل نوع مؤلف الأفراد والأجزاء منها كعالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الإنسان وعلى كل صنف مجتمع الأفراد أيضا كعالم العرب وعالم العجم وهذا المعنى هو الأنسب لما يئول إليه عد هذه الأسماء الحسنى حتى ينتهي إلى قوله مالك يوم الدين على أن يكون الدين وهو الجزاء يوم القيامة مختصا بالإنسان أو الإنس والجن فيكون المراد بالعالمين عوالم الإنس والجن وجماعاتهم ويؤيده ورود هذا اللفظ بهذه العناية في القرآن كقوله تعالى "واصطفاك على نساء العالمين": آل عمران - 42.
وقوله تعالى: "ليكون للعالمين نذيرا": فرقان - 1، وقوله تعالى: "أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين": الأعراف - 80.
وأما مالك يوم الدين فقد عرفت معنى المالك وهو المأخوذ من الملك بكسر الميم، وأما الملك وهو مأخوذ من الملك بضم الميم، فهو الذي يملك النظام القومي وتدبيرهم دون العين، وبعبارة أخرى يملك الأمر والحكم فيهم.
وقد ذكر لكل من القرائتين، ملك ومالك وجوه من التأييد غير أن المعنيين من السلطنة ثابتان في حقه تعالى، والذي تعرفه اللغة والعرف أن الملك بضم الميم هو المنسوب إلى الزمان يقال: ملك العصر الفلاني، ولا يقال مالك العصر الفلاني إلا بعناية بعيدة، وقد قال تعالى: ملك يوم الدين فنسبه إلى اليوم، وقال أيضا: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار": غافر - 16.
بحث روائي
في العيون، والمعاني، عن الرضا (عليه السلام): في معنى قوله: بسم الله قال (عليه السلام): يعني أسم نفسي بسمة من سمات الله وهي العبادة، قيل له: ما السمة؟ قال العلامة.
أقول وهذا المعنى كالمتولد من المعنى الذي أشرنا إليه في كون الباء للابتداء فإن العبد إذا وسم عبادته باسم الله لزم ذلك أن يسم نفسه التي ينسب العبادة إليها بسمة من سماته.
وفي التهذيب، عن الصادق (عليه السلام)، وفي العيون، وتفسير العياشي، عن الرضا (عليه السلام): أنها أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها.
أقول: وسيجيء معنى الرواية في الكلام على الاسم الأعظم.
وفي العيون، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنها من الفاتحة وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقرأها ويعدها آية منها، ويقول فاتحة الكتاب هي السبع المثاني أقول: وروي من طرق أهل السنة والجماعة نظير هذا المعنى فعن الدارقطني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا قرأتم الحمد فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإنها أم القرآن والسبع المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها.
وفي الخصال، عن الصادق (عليه السلام) قال: ما لهم؟ قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها.
وعن الباقر (عليه السلام): سرقوا أكرم آية في كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم، وينبغي الإتيان به عند افتتاح كل أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه.
أقول والروايات عن أئمة أهل البيت في هذا المعنى كثيرة، وهي جميعا تدل على أن البسملة جزء من كل سورة إلا سورة البراءة، وفي روايات أهل السنة والجماعة ما يدل على ذلك.
ففي صحيح مسلم، عن أنس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنزل علي آنفا سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم.
وعن أبي داود عن ابن عباس وقد صححوا سندها قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يعرف فصل السورة، وفي رواية انقضاء السورة حتى ينزل عليه، بسم الله الرحمن الرحيم.
أقول وروي هذا المعنى من طرق الخاصة عن الباقر (عليه السلام).
وفي الكافي، والتوحيد، والمعاني، وتفسير العياشي، عن الصادق (عليه السلام) في حديث: والله إله كل شيء، الرحمن بجميع خلقه، الرحيم بالمؤمنين خاصة.
وروي عن الصادق (عليه السلام): الرحمن اسم خاص بصفة عامة والرحيم اسم عام بصفة خاصة.
صفحه ۱۱