القرآن من أجل أن نعيش تلك الأجواء في حياتنا الإسلامية الصاعدة ، لأن القرآن ليس كلمات لغوية تتجمد في معناها اللغوي ، بل هي كلمات تتحرك في أجواء روحية وعلمية ، ولهذا فإننا لا نتعامل مع آياته كتعاملنا مع النصوص الأدبية المجردة التي تتحرك مع الفكرة بعيدا عن أجواء الواقع ، بل إننا نشعر أنه حياة تتحرك وتعطي وتوحي وتهدي وتقود إلى الصراط المستقيم.
فقد كانت آياته تتنزل في أجواء حركة الدعوة الإسلامية لتراقب نقاط ضعفها وقوتها في خطوات الداعية وفي تحديات الواقع ، لتضع لها القواعد الحية التي تقوي جوانب الضعف وتحمي القوة من عوامل الانهيار وتوجه الخطوات إلى أهدافها وتواجه تحديات الواقع بإصرار ... وبذلك كانت تتحرك في جو الرسالة لتخلق من خلاله جوا جديدا لها في داخل حركة المجتمع الإسلامي.
وقد نجد في هذه الرؤية للأسلوب القرآني أن علينا أن نفهم القرآن ككتاب رسالة ودعوة ، وذلك من خلال استحضار أجواء الدعوة والرسالة في نفوسنا ، لنعيش حيويته وحركيته وروحانيته الرسالية كما عاشها المسلمون الأولون ، للوصول إلى الهدف الكبير وهو صنع الشخصية القرآنية المنفتحة الواعية التي كان يجسدها الرسول الأعظم في سيرته أصدق تمثيل ، ولذا كانت سيرته رسالة عملية كما كانت أقواله رسالة ، فالتقت في حياته الأسوة والقدوة بجانب الدعوة ، وذلك قوله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ) [الأحزاب : 21].
* * *
وقد لاحظنا ونحن نتابع القرآن في أسباب نزوله أن هناك نقطتين جديرتين بالاهتمام في عملية الاستيحاء القرآنية :
صفحه ۲۵