الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) [فصلت : 42] ، وقد تكفل الله بحفظه من التحريف والزيادة والنقصان ، وذلك قوله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [الحجر : 9]. وفي ضوء هذا ، فإنه يمثل المصدر المعصوم للتصور الإسلامي الصافي لكل مجالات الحياة التشريعية والفكرية والعملية ، ويحدد لنا المفاهيم الأصلية التي ترتكز عليها الشخصية الإسلامية.
ولا نريد لهذه الكلمة أن توحي بالانتقاص من قيمة السنة كمصدر ثان أساسي للفكر والشريعة الإسلاميين ، فإن الحديث يعتبر الصورة التفصيلية للمفاهيم القرآنية العامة ، فهو الذي يضع النقاط على الحروف ، وهو الذي يحدد للقواعد العامة مسارها الفكري والعملي ، ولكن القرآن يختلف عن ، السنة في أن « سنده » لا يحتاج إلى إثبات علمي يبحث فيه العلماء وثاقة الراوي وأمانته ليحكموا من خلاله بصحته ، لأن سنده قطعي ، بينما نجد أن سند الحديث الذي يثبت لنا أن النبي قال هذا أو فعل هذا ليس بهذه المثابة من القوة ، فلا بد له من إثبات قد يختلف العلماء في أمره كما يختلفون في كل قضية اجتهادية.
ولذلك فإن التأكيد على الاهتمام بالقرآن يعمل على صنع الذهنية القرآنية الصافية التي نستطيع من خلالها أن نكتشف زيف الأحاديث الموضوعة من خلال اكتشاف زيف المفاهيم التي عالجتها عند ما نعرضها على القرآن الكريم انطلاقا من الأحاديث الثابتة عن أئمة أهل البيت عليه السلام التي تقرر أن « كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف » (1).
وانطلقت هذه الدروس في خط عملي متحرك يركز على استحياء أجواء
صفحه ۲۴