وقوله عز وجل: { ملك يوم الدين }. أي يوم الحساب؛ فإن قيل: لم خص يوم الدين؛ وهو ملك الدنيا والآخرة؟ قيل: لأن الله تعالى لا ينازعه أحد في ملكه ذلك اليوم؛ كما قال تعالى:
لمن الملك اليوم لله الواحد القهار
[غافر: 16].
قرأ عاصم والكسائي: (مالك يوم الدين) بالألف؛ والباقون بغير ألف. قال أهل النحو: (ملك) أمدح من (مالك) لأن المالك قد يكون غير ملك ولا يكون الملك إلا مالكا. وروي أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقرأ: (مالك يوم الدين) على النداء المضاف؛ أي يا مالك يوم الدين. وقرأ أنس بن مالك: (ملك يوم الدين) جعله فعلا ماضيا.
[1.5]
قوله عز وجل: { إياك نعبد وإياك نستعين }. لا يحسن إدخال { إياك } في غير المضمرات. وحكي عن الخليل: (إذا بلغ الرجل الستين فإياه؛ وإيا الشواب). فأضافه إلى ظاهر؛ وهو قبيح مع جوازه ولا يكون إلا إذا تقدم، فإن تأخر؛ قلت: نعبد؛ ولا يجوز: نعبد إياك. فإن قيل: لم قدم { إياك نعبد } وهلا قال: نعبدك؟ قيل: إن العرب إذا ذكرت شيئين قدمت الأهم فالأهم؛ ذكر المعبود في هذه الآية أهم من ذكر العبادة فقدمه عليها.
والكاف من { إياك } في موضع خفض بمنزلة عصاك؛ وأجاز الفراء: أن تكون في موضع نصب؛ فكأنه جعل { إياك } بكماله ضمير المنصوب. فإن قيل: لم عدل عن المغايبة إلى المخاطبة؟ قلنا: مثله كثير في القرآن؛ قال الله تعالى:
حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح
[يونس: 22].
[1.6]
صفحه نامشخص