275

تفسیر کبیر

التفسير الكبير

ژانرها

قوله تعالى: { إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه }؛ قرأ ابن عباس وأبو الجوزاء وابن كثير وشيبة ونافع وأبو عمرو وأيوب: (غرفة) بفتح الغين، وقرأ الباقون بضمها؛ وهي قراءة عثمان، وهما لغتان. قال الكسائي: (الغرفة بالضم: الذي يجعل في الكف من الماء إذا غرف. والغرفة بالفتح الاغتراف، فالضم اسم والفتح مصدر). وقال أبو حاتم: (الغرفة بالضم: ملئ الكف وملئ المغرفة، وبالفتح الواحدة من القليل والكثير). قال الكلبي ومقاتل: (كانت الغرفة ليشرب منها الرجل وخادمه ودابته).

قيل: ابتلاهم الله بذلك النهر ليميز الصادق من الكاذب، وكان أشمويل هو الذي أخبر طالوت بذلك؛ لأن الله تعالى:

فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول

[الجن: 26-27] فلا يجوز هذا القول إلا من نبي. قوله تعالى: { فشربوا منه } { إلا قليلا منهم }؛ نصب { قليلا } على الاستثناء. قرأ ابن مسعود: (إلا قليل) بالرفع، كقول الشاعر:

وكل أخ مفارقه أخوه

لعمرو أبيك إلا الفرقدان

ومعنى الآية: أنه لما عرض لهم النهر وقد اشتد بهم العطش؛ وقعوا فيه فشربوا كلهم أكثر من غرفة إلا قليلا منهم؛ وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا كعدة أهل بدر، قال صلى الله عليه وسلم يوم بدر لأصحابه:

" أنتم على عدد أصحاب طالوت ".

قالوا: فمن اغترف غرفة قوي وصح إيمانه وعبر النهر سالما لكفته تلك الغرفة الواحدة لشربه وخادمه ودوابه.

وأما الذين أخذوا أكثر من ذلك وخالفوا اسودت شفاههم واشتدت عطشتهم فلم يرووا وبقوا على شط النهر وجبنوا عن لقاء العدو ولم يشهدوا الفتح.

صفحه نامشخص