83
قوله : { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول } يعني محمدا { ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا ءامنا فاكتبنا مع الشاهدين } أي فاجعلنا مع الشاهدين ، أي مع من يشهد بما جاء به محمد أنه حق .
وقال بعضهم : { فاكتبنا مع الشاهدين } أي مع أمة محمد الذين يشهدون يوم القيامة على الأمم أن رسلها قد بلغتها .
{ وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين } وهم أهل الجنة .
وقال الكلبي : في قوله : { ولتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا الذين قالوا إنا نصارى } قال : هم أربعون رجلا آمنوا بالنبي عليه السلام من النصارى : اثنان وثلاثون رجلا من الحبشة ، وثمانية من رهبان الشام . فلما رجعوا إلى أرضهم لامهم قومهم وقالوا : تركتم ملة عيسى ودين آبائكم ، فردوا عليهم وقالوا : { وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين } .
قال الله : { فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } أي : في الجنة { وذلك جزاء المحسنين والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } أي أهل النار .
وقال بعضهم : { ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا } . قال : هم أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى؛ فلما بعث الله محمدا صدقوه وآمنوا به ، فأثنى الله عليهم ما تسمعون . وقال في القصص : { أولئك يؤتون أجرهم مرتين } [ القصص : 54 ] أي بإيمانهم بعيسى وإيمانهم بمحمد عليهما السلام .
قوله : { يا أيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } .
ذكروا عن الحسن أن ثلاثة من أصحاب النبي عليه السلام جعل أحدهم على نفسه ألا ينام أبدا ، وجعل الآخر على نفسه ألا يفطر نهارا أبدا ، وجعل الآخر على نفسه ألا يغشى النساء أبدا [ وكان عثمان بن مظعون ممن جعل على نفسه ألا يغشى النساء . وكانت امرأته تأتي أزواج النبي في شارة حسنة وريح طيبة . فلما جعل عثمان على نفسه ما جعل أتتهن على غير تلك الشارة ، فأنكرن عليها ، فقالت : إنما تصنع المرأة لزوجها وإن فلانا وفلانا جعلوا على أنفسهم كذا وكذا . فلما جاء رسول الله ذكرن ذلك له ، فغضب وبعث إليهم فقال : « ألم أحدث عنكم بكذا وكذا؟ » قالوا : بلى ] قال : « لكني أنا أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأغشى النساء وأدع ، فمن رغب عن سنتي فليس مني » فاستغفر القوم من ذلك وراجعوا أمرهم الأول .
وفي تفسير عمرو عن الحسن : { لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا } فإن ذلك اعتداء .
صفحه ۳۲۳