219

19

قوله : { يا أيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } .

كان الرجل في الجاهلية يموت عن امرأته فيلقي وليه عليها ثوبا ، فإن أحب أن يتزوجها تزوجها ، وإلا تركها حتى تموت فيرثها ، إلا أن تذهب إلى أهلها قبل أن يلقي عليها ثوبا ، فتكون أحق بنفسها .

وقال بعضهم : إذا ألقى عليها ثوبا كان ذلك تزويجه إياها ، فإن كان راغبا فيها عجل الدخول بها ، وإن لم تكن له فيها رغبة حبسها ، فلم يدخل بها حتى تفتدي بمالها أو ببعضه .

قال الحسن : كان وليه يقول : ورثت امرأته كما ورثت ماله ، فإن شاء تزوجها بالصداق الأول ، وإن شاء زوجها وأخذ صداقها .

وقال بعضهم : كان هذا في حي من الأنصار؛ إذا مات لهم ميت قصد ولي الميت ولي المرأة فنكحها أو أنكحها من شاء ، ما لم يكن أباها أو عمها ، أو يعضلوهن حتى يفتدين بأموالهن ، فنهاهم الله عن ذلك .

قوله : { ولا تعضلوهن } أي لا تحبسوهن { لتذهبوا ببعض ما ءاتيتموهن } أي : ببعض ما أعطيتموهن . قال الحسن : يعني الصداق . { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } . قال بعضهم : نهي الرجل إذا لم يكن له بامرأته حاجة أن يضارها فيحبسها لتفتدي منه ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة . قال بعضهم : إلا أن تكون هي الناشزة فتختلع منه . والفاحشة المبينة : عصيانها ونشوزها .

ذكروا أن رسول الله A قال : « المختلعات المنتزعات هن المنافقات » ذكر الحسن قال : إنما كان عامة من يصيب هذه الحدود وأشباه هذا من الفعل يومئذ المنافقين . وذكر الحسن : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، أي : الزنا ، إلا أن تقوم عليها البينة . وهي منسوخة .

قوله : { وعاشروهن بالمعروف } أي : اصحبوهن بالمعروف { فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } . أي : يكره الرجل المرأة ، فيحبسها ، ويمسكها وهو لها كاره ، فعسى الله أن يرزقه منها ولدا ، ثم يعطفه الله عليها ، أو يطلقها فيتزوجها غيره ، فيجعل الله للذي تزوجها فيها خيرا كثيرا .

قوله : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } أي طلاق امرأة ونكاح أخرى { وءاتيتم } أي وأعطيتم { إحداهن قنطارا } . ذكروا عن الحسن أنه قال : القنطار ألف دينار ومائتا دينار . وذكر بعضهم قال : القنطار مائة رطل من الذهب أو ثمانون ألفا من الورق .

قال : { فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه } على الاستفهام { بهتانا } أي : ظلما { وإثما مبينا } أي إن أخذتموه على ذلك كان بهتانا وإثما مبينا ، أي بينا .

لا يحل له أن يأخذ مما أعطاها شيئا إلا أن تنشز فتفتدي منه ، ولا يحل له أن يضارها فتفتدي منه .

قوله : { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض } يعني المجامعة في تفسير مجاهد وغيره : قال : [ بعضهم ] : كل مدخول بها فلها الصداق كاملا . وإن كانت محرما منه تزويجها ، وهو لا يعلم ، فدخل بها ، فلها الصداق كاملا . وكان الحسن يقول : إن كانت لا تحل له فلها ما أخذت منه ولا تتبعه بما بقي .

قال : { وأخذن منكم ميثاقا غليظا } هو قوله : { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } [ البقرة : 229 ] ، وهو قول الحسن وغيره . وقال مجاهد : هي كلمة النكاح التي تستحل بها الفروج .

قال بعضهم : وقد كان في عقد المسلمين عند إنكاحهم : ءآلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرحن بإحسان . وحدثنا عن بعض السلف أنه كان يتلو هذه الآية عن النكاح .

صفحه ۲۱۹