256
قوله : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } . ذكروا عن سعيد بن جبير قال : كان قوم من أصحاب النبي عليه السلام استرضعوا لأولادهم من اليهود في الجاهلية ، فكبروا على اليهودية؛ فلما جاء الإسلام أسلم الآباء؛ فأرادوا أن يكرهوا أولادهم على الإسلام ، فأنزل الله : { لا إكراه في الدين } .
ذكروا عن بعضهم أنه قال : أكره على الدين ولم يكره فيه . أكره عليه العرب ، إن هذه الأمة كانت أمة أمية ليس لها كتاب تقرأه أتى من عند الله ، فأكرهوا على الإسلام . أما من كان على ملة من يهودي أو نصراني فأقر بالجزية قبلت منه ولم يفتن عن دينه . قال : وما كان سوى أهل الكتاب من المشركين ما خلا العرب فأقر بالجزية قبلت منه ولم يقتل .
وقال مجاهد : كانت النضير أرضعت رجالا من الأوس؛ فلما أمر الرسول بإجلائهم قالت أبناؤهم من الأوس : لنذهبن معهم ولندينن بدينهم ، فمنعهم أهلوهم ، وأكرهوهم على الإسلام ففيهم نزلت : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } . الرشد الهدى ، والغي الضلالة .
قوله : { فمن يكفر بالطاغوت } الطاغوت هو الشيطان { ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم } . قال مجاهد : العروة الوثقى الإيمان . وقال بعضهم : العروة الوثقى لا إله إلا الله . { لا انفصام لها } أي لا انقطاع لها . وقال الحسن : لا انفصام لها دون أن تهجم بأهلها على الجنة .
قوله : { الله ولي الذين ءامنوا } [ قال الحسن : ولي هداهم وتوفيقهم ] { يخرجهم من الظلمات إلى النور } أي يخرجهم من وحي الشيطان إلى وحي الله ، ولم يكونوا في وحي الشيطان قط . { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات } أي من وحي الله إلى وحيهم ، ولم يكونوا في وحي الله قط ، وهو كقوله : { إلا قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا } [ يونس : 98 ] ، كشف عنهم عذابا لم ينزل بهم أي صرف عنهم . وقال بعضهم : { يخرجهم من الظلمات إلى النور } ، أي من الضلالة إلى الهدى ، لأنهم كانوا في ضلالة . قال : { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } أي لا يموتون ولا يخرجون منها أبدا .
قوله : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن ءاتاه الله الملك } أي آتى الملك الذي حاج إبراهيم في ربه ، وهو نمروذ . ذكر بعض المفسرين قال : ذكر لنا أنه نمروذ ، وهو أول ملك تجبر في الأرض ، وهو صاحب الصرح ببابل .
قوله : { إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت } . قال بعضهم : ذكر لنا أن نمروذ دعا برجلين فقتل أحدهما واستحيى الآخر ف { قال أنا أحيي وأميت } أي أنا استحيي من شئت وأقتل من شئت .
{ قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين } . قال : لا يهدي القوم المشركين الذين يلقون الله وهم مشركون [ أي لا يهديهم إلى الحجة ولا يهديهم من الضلالة إلى دينه ] ، وقال بعضهم : لا يكونون مهتدين وهم ظالمون؛ وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم . قال الحسن : هكذا حجة الله على ألسنة الأنبياء والمؤمنين .
صفحه ۱۲۵