5
{ إياك } قدم للحصر ، والثاني للحصر والفاصلة ، ومقتضى الظاهر ، إياه نعبد ، وإياه نستعين ، ليهدنا بلام الدعاء ، أنعم عليهم بصيغ الغيبة مثل ما قبله ، إلا أنه لما أتى بالأوصاف الكاملة من كمال الرحمن المشاهدة ، وصفات الجلال المحود عليها ، وقدرته الكاملة بتدريج الأفهام في ذلك على وجه الغيبة ، وقوى برهان ذلك صار الغائب شاهدا بتكلم معه بصيغ الخطاب ، وفي صيغة الخطاب تلذذ { نعبد } نخدم بكل ما نقدر عليه ، وهذا العموم أفاده الإطلاق القابل لكل ممكن على سبيل البدلية ، فيحمل على العموم الشمولى الشامل لكل أفراد البدلى ، وكذا في قوله : { وإياك نستعين } على تحصيل العبادة والمباح ، وعلى دفع المعاصى عنها والمضار ، وخدمته إما للشراب والهروب عن العقاب ، وذلك زهد ، وهى عبادة ، وإما للشرف بها والنسبة إليه تعالى ، وهى عبودية ، وإما لإجلاله ، وهى عبودية ، وهى أعلى ، وقدم العبادة لنتوسل بها إلى دفع المكروه ، وجلب المحبوب ، أو قدمها لأن المراد بها التوحيد ، فذكر بعدها الاستعانة على مطلق العبادة ، وأيا كان الأمر فالواو لا ترتب ، وفى الوجه الأخير حصول التخلى قبل التجلى .
صفحه ۵