285

تفسیر صدر المتألهین

تفسير صدر المتألهين

ژانرها

[طه:74].

وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله):

" أما أهل النار الذين هم أهل فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون "

انتهى.

وقال في الباب الثامن والخمسين وثلاثمائة من الفتوحات المكية: اعلم - أسعدنا الله وإياك بسعادة الأبد - أن النفس الناطقة سعيدة في الدنيا والآخرة، لا حظ لها في الشقاء، لأنها ليست من عالم الشقاء، إلا ان الله ركبها هذا المركب البدني المعبر عنه بالنفس الحيوانية، فهي لها كالدابة، وهي كالراكب عليها، وليس للنفس الناطقة في هذا المركب الحيواني إلا المشي بها على الصراط المستقيم الذي عينه لها الحق، فإن أجابت النفس الحيوانية لذلك، فهي المركب الذلول المرتاض، وإن أبت، فهي الدابة الجموح، كلما أراد الراكب أن يردها الى الطريق، جمحت وحرنت عليه، وأخذت يمينا وشمالا لقوة رأسها، وسوء تركيب مزاجها.

فالنفس الحيوانية، ما تقصد المخالفة ولا تأتي المعصية انتهاكا لحرمة الشريعة، وإنما تجري بحسب طبعها، لأنها غير عالمة بالشرع، واتفق انها على مزاج لا يوافق راكبها على ما يريد منها.

والنفس الناطقة، لا يتمكن لها المخالفة، لأنها من عالم العصمة والأرواح الطاهرة، فإذا وقع العقاب يوم القيامة، فإنما يقع على النفس الحيوانية، كما يضرب الراكب دابته إذا جمحت وخرجت عن الطريق الذي يريد صاحبها أن يمشي بها عليه.

ألا ترى الحدود في الزنا والسرقة والافتراء، إنما محلها النفس الحيوانية البدنية، وهي التي تحس بألم القتل وقطع اليد وضرب الظهر، فقامت الحدود بالجسم، وقام الألم بالنفس الحساسة الحيوانية التي يجتمع فيها جميع الحيوان المحس للآلام.

فلا فرق بين محل العذاب من الإنسان، وبين جميع الحيوان في الدنيا والآخرة.

والنفس الناطقة على شرفها مع علمها في سعادتها دائمة، ألا ترى أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد قام لجنازة يهودي فقيل له: إنها جنازة يهودي؟! فقال: أليست نفسا فما علل بغير ذاتها، فقام إجلالا وتعظيما لشرفها ومكانتها.

صفحه نامشخص