279

تفسیر صدر المتألهین

تفسير صدر المتألهين

ژانرها

فالعدد وجوده في لوح النفس، والحروف وجودها في صحيفة الهواء النفسي المتحرك بسبب قوة التكلم، وإنما يدركها السمع لا البصر. والبصر يدرك نقوشا كتابية للحروف والأسامي الدالة عليها، وعلى ما في النفس، فللأشياء وجود في النفس، ووجود في النفس الإنساني، وهو الهواء اللطيف الخارج من باطنه، بإزاء النفس الرحماني المبعث من فيض وجود الحق، المنبسط على هياكل الماهيات وصحائف القابليات، ووجود في الكتابة.

فالأول ليس بمداخلة وضع وتعمل، بخلاف الأخيرين، والأول قول النفس، والثاني كلامها والثالث كتابها.

فعلى ما قررنا من المقدمات، ثبت أن الكلام أشرف من الكتابة، كما أن القول أشرف من الكلام، فقد تحقق وتبين أن السمع أشرف من البصر.

فصل

[اللغة والقراءة]

ذكر صاحب الكشاف: قرأ " غشاوة " بالكسر والنصب، و " غشاوة " بالضم والرفع، و " غشاوة " بالفتح والنصب، و " غشوة " بالكسر والرفع، و " غشوة " بالفتح والرفع والنصب، و " عشاوة " بالعين غير المعجمة والرفع من " العشاء ".

والغشاوة: هي الغطاء، ومنه الغاشية، ومنه غشي عليه، أي زال عقله، والغشيان: كناية عن الجماع.

والعذاب: مثل النكال بناء ومعنى، لأنك تقول: أعذب عن الشيء إذا أمسك عنه، كما تقول: نكل عنه، ومنه العذب، لأنه يقمع العطش ويردعه، بخلاف الملح فإنه يزيده، ويدل عليه تسميتهم إياه نقاخا لانه ينقخ العطش، أي: يكسره، وفراتا، لأنه يرفته عن القلب. ثم اتسع فيه فسمي كل ألم قادح عذابا، وإن لم يكن نكالا، أي عقابا يرتدع به الجاني عن المعاودة.

والفرق بين العظيم والكبير: أن العظيم نقيض الحقير، والكبير نقيض الصغير، فكأن العظيم فوق الكبير، كما أن الحقير دون الصغير، ويستعملان في الجثث والأحداث جميعا تقول: رجل عظيم وكبير، تريد جثته أو خطره، ومعنى التنكير: أن على أبصارهم نوعا من الأغطية غير ما يتعارفه الناس، وهو غطاء التعامي عن آيات الله، ولهم من بين الآلام العظام نوع عظيم لا يعلم كنهه إلا الله.

فصل

صفحه نامشخص