تفسیر صدر المتألهین
تفسير صدر المتألهين
ژانرها
فقولك: الجزئي جزئي. والجزئي ليس بجزئي، كلاهما صحيح صادق من غير تناقض عند اختلاف الحملين.
ولهذا اعتبر في شرائط التناقض بين القضيتين، وحدة الحمل، سوى الوحدات الثمان المشهورات
ثم إن جملة الأشياء التي يصدق ويكذب على نفسها وعينها مفهوم الفعل ومفهم الحرف، فإن كلا منهما يصدق على نفسه ويكذب عنها أيضا من غير تناقض، فمفهوم الحرف مفهوم الحرف بأحد الحملين، بمعنى انه عين مفهوم ما دل على معنى في غيره، كعينية الحد مع المحدود وغيره بالحمل الآخر، إذ يصدق عليه حد الإسم.
وكذا لفظ " الحرف " حرف واسم باعتبارين: باعتبار انه بعينه لفظ الحرف، وباعتبار انه يصدق عليه حد الإسم، أي كلمة دلت على معنى في نفسه، وعلى هذا فقس الفعل.
فقد ثبت وتحقق بما ذكرنا، أن الفعل إذا أريد به المفهوم العنواني، يجوز الحكم عليه وبه بالاتفاق من أفراد الإسم، كقولك: الفعل ما دل على معنى مقترن بالزمان، وهذا غير ما نحن فيه، إذ لا بحث عنه ها هنا ولم ينقل خلاف لأحد فيه، إنما الكلام في أفراد هذا المعنى، وهي التي يصدق عليها حد الفعل ومفهومه - كضرب وعلم وأمثالهما-، هل يصح الإخبار عنها أم لا؟ وهذا هو محل البحث وموضع الخلاف.
وبما ذكره لم يثبت صحة الإخبار عن ما يصدق عليه الفعل، فالوجه كما ذكر أولا من جواز ذلك عند الضرورة، وعلى سبيل التجوز، أو الحكاية لكن بقي ان يقال: ما الفائدة في العدول ها هنا عن الحقيقية؟ فنقول: قد عدل من المصدر الى الفعل تنبيها على التجدد، لأن القوم كانوا قد بلغوا في الاصرار واللجاج والإنكار للحق، والإعراض عن الآيات والنذر، الى حالة ما بقي منهم رجاء القبول ألبتة، وقبل ذلك ما كانوا كذلك، ولو قال: " سواء عليهم إنذارك وعدم إنذارك " لم يفد تجدد هذه الحالة في هذا الوقت دون ما قبله.
واعلم أن " الهمزة " و " أم " ها هنا عاريتان عن معنى الاستفهام، وإنما هما لتقرير معنى الاستواء وتأكيده فقط، قال سيبويه: جرى هذا على حرف الاستفهام كما جرى على حرف النداء في قولك: اللهم اغفر لنا، أيتها العصابة، فإنها لمجرد الاختصاص.
ومعنى الإنذار: هو التخويف عن عقاب الله وإنما اقتصر عليه دون البشارة، لأن تأثيره أوقع في القلب وأشد من جهة ان دفع المضرة أهم من جلب المنفعة.
وفي " أأنذرتهم " ست قراءات: تحقيق الهمزتين بينهما ألف أولا، وتخفيف الثانية بين بين، وبينهما ألف أولا، وحذف الاستفهامية والقاء حركته على الساكن، وقرئ بتخفيف الأولى وإبدالها هاء، وهو شاذ.
وقوله: { لا يؤمنون } جملة مفسرة لما قبلها لإجماله في ما فيه الاستواء، فلا محل لها من الإعراب، أو حال مؤكدة له، أو بدل عنه، أو خبر إن وما قبلها، اعتراض بما هو سبب الحكم.
صفحه نامشخص