وفوق مقام الصبر للمتصبّرِ ... مقامُ الرِّضا والشُّكرِ للمُتَبصِّرِ
وقد كنت كثير الشوق إلى لقائه لما أسمعه من الوالد من الإطراء في ثنائه، إلى أن سهّل الله الاجتماع به بقزوين، وقد أنهكه الهرم، وأقعده الهمم، وذلك في عشر الخمسين بعد المائة والألف، فرأيته فوقَ الوصف، وعرضت عليه بأمره كتاب (الذخر الرائع في شرح مفاتيح الشرائع)، فلمّا أجال فيه النظر أخذ القلم وسطر:
بحسبِكَ ذُخْرُ السيِّد المُوسويّ في ... بيان مفاتيح الشَّرائعِ كافيَا
ففيه تمامُ الكشفِ عن مُشْكلاته ... بطرزٍ أنيق جاء للعيِّ شافيا
وأشرقَ نورُ الدِّين منه بنعمةٍ ... من اللهِ أبدى كلَّ ما كانَ خافيا
ثم أمرني بإنشاد شيءٍ من الشعر، فأنشدته قطعات من القصيدة البهائية التي تصرّفت فيها بالتعجيز والتصدير، فاستحسن ذلك غاية الاستحسان وبسط في وصفه اللّسان، وأخذ يحمده لمَن حضر، كأنّه لم يسمع بهذه الصنعة في ما غبر، ثمّ استدنى المحبرة وجعل يكتب ما أنشدته وقد حفظ أكثره، ويعاودني في مواقع الاشتباه، إلى أنّ أكمله وهي:
سرى البرق من نجد فهيّج تذكاري ... سوالفُ أنْسَتْها تصاريفُ أَعصارِ
1 / 39