يثني قضيبًا أوراقه الشعرُ ال ... مرسل لكن ثماره الشعفُ
نكثر من وصفنا ملاحته ... وهو من الحسن فوق ما نصفُ
يا ساكنًا مقلتي له وطنٌ ... وراميًا مقلتي له هدفُ
وحاكمًا لا يكادُ يرفع مظل ... وم إلى حكمه فينتصفُ
لم يبد سرى ولا وشى بغرا ... مي فيك إلاّ المدامع الذرفُ
أنكر قلبي وأنت تحبسه ... وتطلق الدمع وهو معترفُ
وقال محيي الدين، ﵀:
لك السلامة من وجدي ومن حرقي ... وما تعانيه أجفاني من الأرقِ
أدرت فينا كؤوس الشوق مترعة ... فأسكرتنا حميّاها فلم نفقِ
يا مظهرًا بمحياه وطرته ... فضيلة الجمع بين الصبح والغسق
حمّلت مهجتي الهجران فاحتملت ... وزدتها بعده بعدًا فلم تطقِ
مهما نسيت فلا أنسى زيارته ... في خفيةٍ لابسًا ثوبًا من الفرقِ
نشوان تستر عطفيه ذوائبه ... كما اكتسى الغصن الريان بالورقِ
يسعى إليَّ بكأس من مقبّله ... يلذ مصطبحي منها ومغتبقي
لا أسأل الليل عن بدر السماء إذا ... رقدتُ فيه وبدر الأرض معتنقي
قوله:
حمّلت مهجتي الهجران فاحتملت
ينظر إلى قول البحتري:
عدتنا عوادي البعدِ عنها وزادنا ... بها كلفًا إنَّ الوداعَ على عتبِ
وقوله:
نشوان تستر عطفيه ذوائبه
مأخوذ من ابن التعاويذي:
تجول على متنيه سودُ غدائرٍ ... كما رنَّحَ الغصنُ المرنِّحُ أوراقا
وقوله:
لا أسأل الليل عن بدر السماء
مأخوذ من بيتي المغاربة:
يا ليلُ دمْ أو لا تدمِ ... لا بدَّ لي أن أسهركْ
لو باتَ عندي قمري ... ما بتُّ أرعى قمركْ
وقال المحيي، ﵀:
ما أكثرتْ في الهوى عواذلهُ ... إلاّ وزادتْ به بلابلهُ
علقتهُ كالشمول ريقتهُ ... مهفهفٌ حلوةٌ شمائلهُ
أسمرُ من جفنهِ مهنّده ال ... ماضي ومن شعره حمائلهُ
تلقاهُ شاكي السلاح ناظرهُ ... سنانهُ والقوامُ عاملهُ
تنفذ درع الكميّ مقلته ال ... نجلاء فيا عجزَ من يقابلهُ
لما تشكى وشاحه قلقًا ... بخصره أخرست خلاخلهُ
وقال أيضًا:
ثنى مثل لون السمهري ولونه ... وجرَّرَ عضبًا مرهفًا من جفونه
وحيَّا وقد جاء الحياء بوجهه ... فما الورد تجلوه الضحى في غصونه
وباتَ يرينا كيفَ يجتمعُ الدُّجى ... مع الصبح في أصداغه وجبينهِ
وكيفَ قرانُ الشمسِ والبدرِ كلما ... غدا يلثمُ الكأسَ الذي في يمينهِ
وبتّ أُفدِّيه بنفسٍ بذلتُها ... غرامًا بمحظوظ الجمال مصونهُ
وأرخصُ دمعَ العينِ وجدًا بمبسم ... يقابلهُ من دُرّه بثمينهِ
أما البيت الأول فهو من المستعمل، وقد جمعه ابن النبيه في نصف بيت وهو:
رنا وانثنى كالسيفِ والصعدةِ السمرا ... فما أكثرَ القتلى وما أرخصَ الأسرى
وقوله:
وحيَّا وقد جال الحياء بوجهه
مستعمل أيضًا، وكل الناس فيه عيال على عمر بن أبي ربيعة في قوله:
وهيَ مكنونةٌ تحيَّر منها ... في أديمِ الخدَّينِ ماءُ الشبابِ
ومثله لأحمد بن إبراهيم بن إسماعيل:
أغيد ماء الشباب يرعد في ... خدَّيه لولا أديمهُ قطرا
والبيت الثالث من المتنبي:
بشعرٍ يعيدُ الليلَ والصبحُ نيرٌ ... ووجهٍ يعيدُ الصبحَ والليلُ مظلمُ
وقوله:
وكيف قران الشمس والبدر
مأخوذ من قول الحسين بن الضحاك:
كأنما نصبُ كأسهِ قمرٌ ... يكرعُ في بعضِ أنجمِ الفلك
ومنه أخذ أبو نواس:
إذا عبَّ فيها شاربُ القوم خلتهُ ... يقبِّلُ في داجٍ من الليلِ كوكبا
ومن شعري:
تجلت لنا كالبدر ليلة تمّه ... وساق الندامى للمدام يحثحثُ
فلاح لعيني الشمس والبدر قارنا ... هلالًا فقلت السعد أشكل مثلثُ
وقال ﵀ وهي آخر شعره:
يا من حفظت له عهد الهوى.... ... فلم يرعَ لي عهدي وميثاقي
ما كنت أحسب أن يجفو عليّ وأن ... ينسى عهود صباباتي وأشواقي
جرحت قلبي ببين ما تصوّره ... وهمي وأقرحت بالتسهيد آماقي
1 / 23