قال المؤلف رضي الله تعالى عنه: وهذا الحديث وإن كان في إسناده مقال على ما يأتي فإن العلماء مجمعون على القول به, فإن المطلوب العمل بما يقرأ ويتلى. وقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من شر الناس رجلا فاسقا يقرأ القرآن لا يرعوي إلى شيء منه)) فبين صلى الله عليه وسلم أن المقصود العمل كما بينا. وقال مالك رحمه الله تعالى: قد يقرأ القرآن من لا خير فيه. وقال عبد الله بن مسعود: ليس حفظ القرآن بحفظ الحروف, ولكل إقامة حدوده, وروى شريك عن أبي إسحاق عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ثلاث غرباء, قرآن في قلب رجل فاجر, ومصحف في بيت لا يقرأ فيه, وصالح مع الظالمين)) وروى شقيق بن سلمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما بال أقوام يشرفون للمترفين, ويستخفون بالعابدين, ويعلمون بالقرآن ما وافق أهواءهم, وما خالف أهواءهم تركوه فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض, يسعون فيما يدرك بغير السعي من القدر المقدور, والأجل المكتوب, والرزق المقسوم, ولا يسعون فيما لا يدرك إلا بالسعي من الخير الموفور, والسعي المشكور, والتجارة التي لا تبور)) خرجه أبو نعيم الحافظ. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من أطاع الله فقد ذكر الله وأن أقل صلاته وصنيعه للخير, ومن عصى الله فقد نسي ذكر الله وأن أكثر صلاته وصومه وصنيعه للخير ذكره أبو عبد الله محمد بن خواز منداذ في أحكام القرآن له. وذكره أيضا أبو بكر محمد بن عبد الله العامري الواعظ في شرح الشهاب له ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أطاع الله فقد ذكره وإن كان ساكتا, ومن عصى الله فقد نسيه وإن كان قارئا مسبحا.
صفحه ۵۶