قال المؤلف رضي الله عنه: ما أحسن ما قال فإن القرآن حوى جميع العلوم كما ذكرنا ويأتي, فمن قرأه قراءة تدبر وتفهم وعمل بمقتضاه فقد حصل الغاية القصوى التي ليس لأحد وراءها مرمى. وقال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} قال أهل التأويل: يتبعونه حق إتباعه بإتباع الأمر والنهي, فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويعملون بما تضمنه. قاله عكرمة وغيره, قال عكرمة أما سمعت قول الله تعالى: {والقمر إذا تلاها} أي تبعها, فهو معنى قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما: وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: من يتبع القرآن يهبط به إلى رياض الجنة. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هم الذين إذا مروا بآية رحمة سألوها, وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها. وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم , كان إذا مر بآية رحمة سأل وإذا مر بآية عذاب تعوذ, من حديث حذيفة وغيره وسيأتي. وقال الحسن هم الذين يعملون بمحكمه, ويؤمنون بما تشابه منه, ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه. وخرج أبو داود عن معاذ الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم, فما ظنكم بالذي عمل هذا)) وخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله الجنة, وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار)).
صفحه ۵۵