وقطع أعذارهم بالمعجزات.
فانظر الآن أينا أحق بأن يتعجب، وأولانا بأن يتعجب منه، من أضاف إلى هؤلاء الأصحاب ما يليق بأفعالهم، ومن جعلهم فوق منازل الأنبياء وهذه أحوالهم! فسكت المعتزلي متفكرا كأنه ألقمه الشيعي حجرا.
ومن عجيب أمرهم، وظاهر جهلهم: أنهم إذا آمنوا بالمعارض، وعدموا المناقض، ركبوا بهيمة البهتان، فأرخوا فضلة العنان، وجروا في ميدان الهذيان، فبثوا من فضل أئمتهم كل مختلف، وبثوا من قول رواتهم كل ملفق، وشغلوا الزمان بذكر المحال، وشحنوا الأوقات بنصرة الضلال، وجعلوا معظم الدين مودة العاصين، وقاعدة الإسلام حب الظالمين، فألسن مسارعة، وعيون دامعة، ووجوه خاشعة، وقلوب طائعة، حتى إذا حضر بصير أظهر أغلاطهم، ونحرير أوضح إفراطهم، وعارف أبان ضلال ساداتهم، وعالم نص على زلل أئمتهم، قالوا: الكشف عن هذا الأمر لا يلزم، واستماعه محرم، والشغل بغيره أوجب، ولم يتعبدنا الله بذكر من ذهب، والاطلاع في أخبارهم مشكل، فليس غير الصلاة والنسك، وكل أحد يلقى عمله، وليس يلزم العبد إلا ما فعله، فهم المقدمون والمحجمون، وهم المحللون والمحرمون، ولقد أخبرني الخبير بأحوالهم، إنهم في المغرب يأمرون بقراءة مقتل عثمان وينهون عن قراءة مقتل الحسين (عليه السلام)، فهذا ما في ضمائرهم شاهد وعنوان.
ومن عجيب أمرهم، وظاهر عصبيتهم، وحكمهم بالهوى القاهر لعقولهم:
قولهم: إنا لما رأينا الصحابة قد شرفهم الله تعالى بصحبة رسول الله، وميزهم بالكون معه على الأنام، وجعل أعمالهم أفضل الأعمال، وطاعتهم أفضل طاعات أهل الإيمان، علمنا أن كبير معاصيهم في جنب ذلك صغير، وعظيم زللهم
صفحه ۹۰