بمصالحهم، وأعلم بعواقبهم، وأعرف بمن ينتظم به أمرهم، وينصلح بإقامته شأنهم، فنسبوه (1) (صلى الله عليه وآله) إلى أنه حرمهم اختياره المقرون بالصواب، واقتصر بهم على اختيارهم الذي لا يؤمن معه [من] الفساد، وقد نزهه الله تعالى عن هذه (2) الحال، ورفعه عما يدعيه [أهل] الضلال.
ومن عجيب أمرهم: أنهم يعترفون بأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يرد قط إلى أمته، ولا إلى أحد منها في حياته اختيار الرؤساء، ولا تأمير الأمراء، وأنه كان المتولي بنفسه استخلاف من يستخلفه، وتأمير من يؤمره على مدينته ورعاياه، وجيوشه وسراياه، حتى أنفذ سريته إلى مؤتة (3) قدم جعفرا (رضي الله عنه) وقال للناس: " إن أصيب فأميركم زيد بن حارثة، وإن (4) أصيب فأميركم عبد الله بن رواحة " (5)، من غير أن رد إليهم الاختيار، ولا كلفهم ولا أحدا منهم هذه الحال، ثم يدعون مع هذا أنه وكل إليهم عند مفارقته لهم بالوفاة اختيار الإمام، وإقامة رئيس للأنام، وكلفهم من ذلك بعد وفاته ما لم يكلفهموه في أيام حياته، وهو لو امتحنهم في أيامه فزلوا، و [لو] كلفهموه فغلطوا، كان يتدارك فارطهم بيمنه، ويصلح ما أفسدوه ببركته ورأيه، وليس (6) كذلك من بعده لأنهم لو غلطوا بتقديم من يجب تأخيره وتأخير
صفحه ۴۶