طبیعیات در علم کلام: از گذشته تا آینده
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
ژانرها
مما كون في اتباعه شعورا بتقدير الواقع، جعل منهم حملة لواء المنهج العلمي التجريبي في عصر سؤددهم.
بخلاف تلك الموجهات، نجد أقواها في التنزيه الذي بلغ غايته مع المعتزلة؛ إذ يرى حسن حنفي في لفتة ثاقبة أن التنزيه أقوى بواعث أو موجهات الوحي للعلوم العقلية الخالصة؛ أي الرياضيات والطبيعيات؛ لأن التنزيه يعني أن الله ليس موضوعا للرؤية أو العلم، إنما العلم الإسلامي الشامل موضوعه كلام الله؛ أي الوحي كقصد نحو العالم وكنظام له.
4
العلم بذات الله مستحيل، الممكن معرفة آثاره الطبيعية والاجتماعية، المطلوب ليس البحث عن رؤية الله، بل عن رؤية الطبيعة والعالم.
فلئن كان التشبيه الأشعري هو الذي ساد في تصورنا لله حتى قارب التشخيص، فإن التنزيه الاعتزالي - كما يشير حنفي - هو القادر على تحويل تصورنا لله إلى مبدأ عقلاني شامل، الانتقال من التشبيه إلى التنزيه هو انتقال من الله المشخص إلى الله المبدأ العقلي الشامل، الذي تتوحد أمامه قوى الإنسان الفكرية والقولية والعلمية والوجدانية. وما رآه خصوم التنزيه من «تعطيل» هو في الواقع إيجابية لصالح العلم؛ لأنه يعطي العالم استقلالا، واستقلال ظواهر الطبيعة ضرورة تمليها الروح العلمية.
5
إن الله واجب الوجود، قمة نظرية الوجود، وبالتنزيه يصح مثالا معرفيا، هو المثل الأعلى وغاية الإنسان وموجود كتعال وتجاوز ومفارقة.
التنزيه هو التعالي، هو التقدم المستمر ورفض الصيغ الجاهزة، رفض تحويل الذات إلى موضوع، رفض القطعية والمذهبية والتوقف.
6
كلها مثل الروح العلمية المعاصرة نجدها مكنونة في ذخائر التنزيه ... أثمن ما في تراثنا وكلامنا ... فهو - أي التنزيه - بناء شعوري أكثر منه عقيدة، يمكن أن يدفع للبحث المستمر عن الحقيقة القصوى وتقدم العلم. كل هذا المبلغ في تشييد الموقف العلمي الطبيعي يمكن أن يبلغه علم الكلام بالتنزيه، ليحمل مستقبله كيانا يتجه نحو معرفة بلا حدود، هو الإنسان العالم، الحامل الحقيقي لرسالة الوحي.
صفحه نامشخص