طبیعیات در علم کلام: از گذشته تا آینده
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
ژانرها
46
أيضا لا فرق. •••
هكذا تحيط الدائرة الثيولوجية الأنطولوجية بالطبيعيات الإسلامية من كل صوب وحدب، لتنصب في المتجه الإلهي حتى انصبت جهود الطبيعيين أنفسهم فيه. لم يعق هذا حملهم للواء التجريبية طوال العصور الوسطى؛ لأن بحوثهم العلمية - كما أشرت في
الفصل الثاني - اتصلت بالوقائع الجزئية دون القوانين الكلية، فضلا عن الأنساق العلمية.
مع هذا تجمل الإشارة إلى أن المتجه الإلهي وإن استوجب القطع المعرفي في عصرنا هذا، فإنه صنع الملامح الخاصة للطبيعيات الإسلامية في ذلك العصر، فلا هي انساقت مع مادية القبل سقراطيين المتطرفة، ولا مع مادية أرسطو المعدلة إلى آخر المدى.
وعلى الرغم من استفادتها من الفيثاغورية والأفلاطونية والأفلوطينية أيضا لم تنسق معها إلى آخر المدى. فهذه فلسفات مثالية تحرم العالم الطبيعي من الوجود الموضوعي، وهذا ما لا يمكن أن تفعله الفلسفة الإسلامية؛ قد تحرمه من استقلاله، أما وجوده الموضوعي فكلا؛ لأن العالم الطبيعي فعل متعين للقدرة الإلهية. إن المصطلحات اليونانية تقوم فقط بدور ظاهري.
وكانت الفلسفة الإسلامية تيارا مستقلا في النظر إلى العالم الطبيعي، استوعب ذينك الطرفين المادية/المثالية، وتجاوزهما إلى مركب جدلي أشمل. لم يكن محض انتقاء بينهما أو توفيق لهما مع الشريعة، بل كان خطوة في طريق تطور الفكر الطبيعي عرفت كيف تقطعها دون أن تخرج عن إطارها المثالي وتوجهها اللاهوتي الذي فرضته ظروف العصر. (3) الطبيعيات في نظرية الوجود
اتضح لنا الآن كيف أن انتقال الطبيعيات إلى دائرة يفترض أنها أعلى - أي من الكلام إلى الحكمة - لم يغير من الأمر شيئا، وظلت الطبيعيات متجهة نحو الإلهيات أو مقدمة إلهية، وليس هذا كل - ولا حتى أهم - ما يكشف عنه هذا الفصل. ولكي ندرك عمق الحكم: لا فرق - مما يستوجب قطعا معرفيا عن كل التراث القديم - ينبغي أن نلاحظ قبلا كيف أن الطبيعيات في الحكمة تكافئ نظرية الوجود في الكلام ... إنها الأنطولوجيا.
رأينا كيف انقسمت الحكمة إلى عقليات: منطق ورياضة، ثم طبيعيات محسوسة ثم إلهيات وشريعة، وكأننا بإزاء تقسيم الفلسفة الذي لم يستقر إلا في القرن التاسع عشر إلى إبستمولوجيا وأنطولوجيا وأكسيولوجيا، لا سيما مع ما تعنيه الإلهيات الإسلامية من نسق قيمي مهيب، وما تحمله الشريعة من جهاز أخلاقي جبار. على أن أخطر ما في الأمر هو إخراج الطبيعيات تماما من الإبستمولوجيا وانفصالها عن العقليات والمنطق. لقد تقوقعت تماما في قلب نظرية الوجود المتجهة إلى الإلهيات.
ولا فرق. فهذا هو نفس الوضع في الكلام، انقسم أيضا إلى نظرية العلم ونظرية الوجود ثم إلهيات، وإن لم يتبلور هذا إلا في مرحلة متأخرة، في مقابل الحكمة التي عرفت التقسيم منذ مرحلة الافتتاح الأولى التي دشنها الكندي. وأيضا أخرج المتكلمون الطبيعيات تماما من المشكلة المعرفية؛ أي من نظرية العلم التي تكافئ المنطق في الحكمة، ووضعوها في قلب مشكلة أو نظرية الوجود والسؤال عن الموجود والمعلوم. والواقع أن المباحث الطبيعية في الكلام - وبالتحديد مبحثا الجواهر والأعراض - صلب نظرية الوجود.
صفحه نامشخص