طبیعیات در علم کلام: از گذشته تا آینده
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
ژانرها
42
بل للهدف الكلامي المعروف. من ثم فإن وجود تلك العناصر الواعدة لم ينف التوجه العام لطبيعياتهم، الذي يستوجب قطيعة معرفية لطريقهم ... لمجمل طبيعيات علم الكلام القديم. •••
في النهاية اتفق المعتزلة مع الأشاعرة على عدم بقاء الأعراض؛ من أجل تخصيص وصف البقاء للذات الإلهية فقط، فضلا عن أن قول المعتزلة بالتجويز أقرب بهم من لا علية الأشاعرة؛ فكانت معظم التساؤلات الكلامية حول الجواهر والأعراض، سواء اعتزالية أو أشعرية، من أجل إثبات صريح أو ضمني لقدرة مطلقة مشخصة؛ إثبات وجود الله.
يقول حنفي: «يعترف المتكلم صراحة بأنه يستخدم الطبيعة من أجل إثبات وجود الله، وليس لدراستها وتحليلها وفهمها على ما هي عليه؛ من أجل السيطرة عليها واستخدامها أو الانتفاع بها في حياته العملية. الطبيعة لديه مجرد حامل لأفعال إرادة إلهية مشخصة، وتتلخص دراسة الطبيعة في البحث عن هذه الأفعال والاستدلال بها على فاعلها الأوحد؛ فهو استخدام رأسي للطبيعة يذهب بها على ما بعد الطبيعة، وليس استخداما أفقيا للطبيعة يجعلها تاريخا حيا وعالما للإنسان يسكن فيه ويتصل مع الآخرين ويحقق رسالته. الطبيعيات إلهيات مقلوبة إلى أعلى، كما أن الإلهيات طبيعيات مقلوبة إلى أسفل.»
43
يستوي في هذا المعتزلة والأشاعرة. هكذا بدأنا من الالتقاء بينهما في المنطلقات والأسس وانتهينا إلى الالتقاء في الغايات والخواتيم، لنخلص إلى أن الخلاف بينهما - أو تلك العناصر الواعدة في طبيعيات المعتزلة - لن يقدم ولن يؤخر في إنقاذ الوضع البائس للطبيعيات في حضارتنا، مما يستوجب قطعا معرفيا لا محيص عنه إن رمنا مثل هذا الإنقاذ.
ورب معترض على هذا القطع بأن الكلام لم ينته بمحنة المعتزلة ولا بكارثة الأشاعرة، بل واصل نماءه في علوم الحكمة، والحكماء جميعا أقروا بالعلية وثبوت الطبيعة والطبائع؛ فماذا عن هذا؟ (3) تمام الكلام ... في الحكمة
من منظور فلسفة العلوم في عصرنا تتبدى سلبيات علم الكلام، التي تفرضها الحدود الحضارية والقصورات المعرفية لذلك العصر البعيد، ولكن تبقى دائما إيجابيته العظمى في أنه تشكل للعقل العربي الصميم، وكان - كما أشرنا في
الفصل الأول - الفلسفة الإسلامية الخاصة، التي شقت الطريق ومهدته نحو الفلسفة الإسلامية العامة أو الحكمة.
ولئن كان كل من الكلام والفلسفة طريقا مستقلا نسبيا في سياق الحضارة الإسلامية، فإن الحدود بينهما مموهة إلى حد ما، فلم يكن علم الكلام إلا ممارسة للتفكير الفلسفي في القضايا التي أثارها نزول الوحي في المجتمع العربي. ومن حيث هي ممارسة متكفلة بمهمة التمثيل الأيديولوجي فقد اتخذت شكل البحث الديني في العقائد؛ لأنه الشكل الأيديولوجي المتفاعل والمثير للقضايا الفكرية والفلسفية التي شغلتهم. ثم استفاد علم الكلام من المنطق كثيرا، فكان ينمو ويتطور حتى نضج بفعل أتون التفلسف العقلاني؛ أي المنطق .
صفحه نامشخص