طبیعیات در علم کلام: از گذشته تا آینده
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
ژانرها
فمثلا أشرت آنفا إلى أن ما يميز الحضارة الغربية الحديثة هو السمة العلمية، العلم هو الذي حدد حلبات الصراع وفحواها، ارتبطت به الفلسفة وانعكس فيها، وتشكلت على أساسه الأيديولوجيا، وترك بصماته على مسار الآداب والفنون - إن سلبا وإن إيجابا.
فهل يعني هذا أن الغرب عالم مادي بينما الشرق فنان روحاني، في تبسيط ارتاده الرائد الأكبر زكي نجيب محمود أستاذ الجيل في التجديد وفي سواه؟ ... كلا بالطبع! فليس العلم قصرا على الغرب ولا الروحانيات قصرا على الشرق، وكما هو معلوم جيدا العرب الإسلاميون هم حملة لواء العلم الرياضي والتجريبي على السواء طوال عصور مركزية حضارتهم. وعلى طريقة شاهد من أهلهم، نقتبس قول برتراند رسل
B. Russell (1872-1970): «في العصور المظلمة كان العرب هم الذين يقومون بمهمة تنفيذ التقاليد العلمية، أما المسيحيون أمثال روجرز بيكون فقد اكتسبوا منهم إلى حد بعيد ما اكتسبوه من معرفة علمية حازتها العصور الوسطى اللاحقة، ولكن كان للعرب على أية حال المثلمة التي تناقض مثلمة الإغريق؛ إذ اتصلت بحوثهم بالوقائع بدلا من أن تتصل بالمبادئ العامة، وما كانت لديهم المقدرة على استدلال القوانين العامة من الوقائع التي اكتشفوها.»
22
أي إنهم كانوا تجريبيين أكثر مما ينبغي.
وبالمثل لم تخل الحضارة الغربية أبدا من صنوف شتى للروحانيات
23
كالتيارات الدينية والنزعات الصوفية والحدسية والرومانتيكية والبرجسونية والوجودية، وسائر الفلسفات اللاعقلانية، فضلا عن وجود الدين وآبائه والفكر اللاهوتي دائما.
إن العلم - أي علاقة العقل بالطبيعة ومحاولته السيطرة عليها - مكون أساسي في كل الحضارات وفي كل وجود إنساني، ولكن بدرجات متفاوتة وبترتيب مختلف في سلم الأولويات، تميزت الحضارة الغربية الحديثة بأنها رفعته على رءوس الأشهاد وعلى جثث الشهداء إلى مركز الصدارة، وانطبعت بمعالمه وتشكلت أيديولوجيتها على أساسه، إن سلبا وإن إيجابا، بينما كان العلم في الحضارة الإسلامية إبان عصرها الذهبي أدنى في سلم الأولويات بعد الدين ونصوصه وعلومه ومتطلبات مواجهاته، كان العلم بعدا من أبعاد هذا.
هو بعد وليس مركزا، بل بعد فرعي إلى حد ما، فكان العلم التجريبي والرياضي ينمو في إطار الأيديولوجيا وتحت رعايتها - ورعاية السلطة - ولم يرتفع أبدا إلى حلبات الصراع الأيديولوجي ولم يساهم في تشكيل فصوله.
صفحه نامشخص