وبلغنا ان الامام رحمه الله لما سمع بخروجهم من جبل نفوسه متوجهين اليه قال لعبيدة من بشرني منكم بقدومهم فهو حر ، وكان العبيد اذا اصبح خرجوا من المدينة ينظرون يمينا وشمالا ، وكان احد عبيد الامام أعرج لا يستطيع النهوض مع العبيد فكان يرقى سور المدينة فلما كان يوم قدومهم أبصرهم العبيد الذين كانوا في خارج المدينة ، فلما تحققوا ذلك بادروا يتسابقون ليخبروا الامام فلما رءاهم الاعرج عن بعد ، عجل إلى الامام فبشره ، فخرج حرا فجاءه اصحابه فوجدوا الاعرج قد سبقهم بالبشارة فقالوا ( فاز بها الاعرج ) فلما وصل النفر المدينة اخبروا الامام بانهم اربعة فساءه ذلك ، وكان ينتظر قدوم عسكر كبير فلما دخلوا على الامام رحمه الله ، سألهم عن احوالهم وعن قدومهم في اربعة نفر دون عسكر . فاخبره كل واحد منهم بما تكفل به ، واعلمه انهم بمعونة الله عز وجل ومساعدة الأمام يقومون مقام العسكر . فامر الامام رحمه الله بانزالهم في دار الضيافة ، فاقاموا في أبر حال .
وبلغنا ان الامام اجل قبل ذلك الواصلية أجلا ، قبل قدوم النفوسيين ، فلما قدموا قال لهم : تأهبوا للخروج قالوا له : دعنا حتى نستريح وتستريح دوابنا فقد اساءها السفر ، فأسعفهم ، ولما جرى ذكر المناظرة بينهم وبين الامام واعلمهم مهدى انه يكفيهم المناظرة قال لهم الامام : انه جرى بيني وبين الواصلي المنتحل المناظرة كلام ، اريد ان اعرضه عليك فقال : افعل يا امير المؤمنين ، فجعل الامام يعرض عليه ما وقع بينهما من مناظرة ، ويذكر سؤال كل واحد منهما ، وجواب الآخر فكلما وجد من كلام الواصلي حيدة ، قال : يا امير المؤمنين زاغ في الحجة ، وزاغ عن الحجة ، حتى اطلع الامام رحمه الله على جميع ما لبس فيه المعتزلى ، ومواضع حيداته ، فوثق بان مهديا سيظفر بالمعتزلي.
صفحه ۶۳