له المتوكل: ويحك، ابن حنبل، ما نجح فيه الدواء؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، إن أحمد بن حنبل ليست به علة فى بدنه، إنما هذا من قلة الطعام وكثرة الصيام والعبادة. فسكت المتوكل.
ولما توفى أحمد وجّه ابن طاهر الأكفان، فردت عليه. وقال عم أحمد للرسول قل له: أحمد لم يدع غلامى يروّحه، يعنى خشية أن أكون اشتريته من مال السلطان، فكيف نكفنه بمالك؟.
وقال ابن المنادى: امتنع أحمد من التحديث قبل أن يموت بثمان سنين، أو أقل، أو أكثر، وذلك: أن المتوكل وجه يقرأ ﵇، ويسأله أن يجعل المعتز فى حجره، ويعلمه العلم، فقال للرسول: اقرأ على أمير المؤمنين السلام، وأعلمه أن علىّ يمينا: أنى لا أتم حديثا حتى أموت، وقد كان أعفانى مما أكره، وهذا مما أكره.
وقال المروزى: سمعت أحمد يقول: الخوف قد منعنى أكل الطعام والشراب فما أشتهيه.
وكان أحمد يزرع داره التى يسكنها، ويخرج عنها الخراج الذى وظفه عمر رضى الله عنه على السواد.
وكان أحمد إذا نظر إلى نصرانى غمض عينيه، فقيل له فى ذلك؟ فقال:
لا أقدر انظر إلى من افترى على الله وكذب عليه.
وقال إسحاق عم أحمد: دخلت على أحمد ويده تحت خده، فقلت له:
يا ابن أخى: أى شئ هذا الحزن؟ فرفع رأسه وقال: طوبى لمن أخمل الله ذكره.
وقال إسماعيل بن حرب: أحصى ما ردّ أحمد بن حنبل حين جئ به إلى العسكر فإذا هو سبعون ألفا.
وقال صالح بن أحمد: كان أبى لا يدع أحدا يستقى له الماء لوضوئه.
وأما الخصلة الثامنة، وهى قوله «إمام فى السنة» فلا يختلف العلماء الأوائل والأواخر: أنه فى السنة الإمام الفاخر، والبحر الزاخر، أوذى فى الله ﷿
1 / 12