وأقول: لم يتعرض لذلك الحافظ ابن عساكر أصلا، مع أني سبرت «تاريخه» أجمع، نعم الفجوة الأولى من هذا المشهد كانت تسمى مشهد زين العابدين لكونه لما قدم دمشق كان يصلي فيه كما سلف ذكره 1 في التابعين الذين نزلوا دمشق، ولم يزل المفتي المذكور على طريقته المثلى إلى أن وقعت حادثة النصارى سنة (1277) الآتي إن شاء الله تعالى تفصيلها 2، ففيها لما قدم فؤاد باشا من دار السلطنة مفتشا على هذه القضية أمر بإجلاء أعيانها عن دمشق، ومنهم المفتي المذكور، فأجلي مع الشيخ عبد الله الحلبي، وعمر أفندي الغزي، وأحمد أفندي حسيبي، إلى الماغوصة، فأقاموا بها مدة، ثم نقلوا منها إلى صاقص ومنها إلى إزمير ومنها إلى الآستانة، واسترحموا العفو عنهم بعد أمور يطول شرحها، ثم إن المفتي المذكور بعد ذلك تقلد القضاء في حمص لما كانت مركز المتصرفية، ولما نقل المركز إلى حماة نقل إليها، واستمر متوليا القضاء بها سبع سنين ثم سافر إلى الآستانة وعين قاضيا في معمورة العزيز، ثم أتم مدته وقصد الآستانة وعين قاضيا في جهة طرابلس الغرب، ثم أناخ ركابه بوطنه دمشق، ثم وجهت عليه بها نيابة المحكمة الكبرى، فلم يزل عليها إلى أن توفي في (16) ربيع الثاني سنة (1301) وشهدت الصلاة عليه في جامع بني أمية ودفنه في باب الصغير، ولي منه إجازة عامة بما يجوز له روايته رحمه الله تعالى.
ووالده الشيخ عمر 1 ممن هاجر من ديار بكر إلى دمشق واتخذها دار إقامة وقدم بابنه المذكور وعمره نحو سبع سنين، وأبقى بعض أولاده في وطنه الأصلي، ووجهت عليه إمامة الحنفية بجامع بني أمية، وقرأ عليه جملة من الفضلاء في المعقول إلى أن توفي سنة (1263) رحمه الله تعالى.
***
صفحه ۷