أطلق مجهول على الأستاذ يوسف شربل رئيس مجلس الشورى ثلاث رصاصات، وروت الصحف أن مطلق الرصاص روكب (تعطل) مسدسه، وقيل يومئذ: إن مطلق النار فتى اسمه حسين الشيخ، من أعضاء الحزب القومي الاجتماعي. ***
الحضارة - إن شئت وصفها اختصارا - وجدتها صراعا مع الشر.
ما اطمأن الإنسان الأول إلى ملجأه في كهفه إلا بعد أن سحق أفاعي الكهف، وطرد منه الخفافيش، ونور فيه العتمة.
وما أمن الإنسان إلى حراثة الأرض إلا بعد أن بطش بكواسرها، وأبعد عن مساكنه وحوشها، والحضارة - شئنا وصفها اختصارا بأنها صراع مع الشر - لا تقاس إلا بمقدار ظفرها في هذا القتال؛ فالطب ينجح حين يفني مكروب المرض، والمعلم ينجح حين يطرد الجهل بالعلم من نفس تلميذه، والطائرة تنجح حين تبطش بالمسافة.
ولقد ابتكر الإنسان، في سياق صراعه مع شر الفوضى، نظام الحكومة وضبطها بالقوانين.
وجاء القانون، ككل ما اخترعه الإنسان، أداة طيعة تصلح للخير أو تستخدم لعكسه؛ فليس من جريمة في الدنيا أفظع من جريمة يقترفها من يغتال باسم القانون، ويسجن الأبرياء باسم العدالة.
ويا طالما صاح خطباء بلادنا، واصطفت مقالات كتابنا تنادي أن أزمة الحكم في بلادنا هي أزمة تنفيذ القوانين، أو إساءة تنفيذها، أو الإعراض عن تنفيذها، أو تنفيذها معكوسة.
والحضارة - وهي لا تزال موضوع حديثنا - نشأت في بلادنا وفيها ازدهرت. وحضارتنا، وقد تكون القوة مقياسها، تصابت أو هرمت على مقدار ما تغلبنا على الشر أو تغلب الشر علينا.
وتاريخ بلادنا الحديث حفل بالبطولات وبالمصلحين وبالمبشرين، الذين حاولوا القضاء على الشر، وبالتالي دفع هذه الأمة في سيرها الحضاري، ولكن هؤلاء المصلحين والمبشرين والأبطال ما تناولوا من مناحي الحياة إلا بعضها، وما توجهوا إلى الشعب بكامله، وما استثاروا متسلحين بالواقع وبالعلم؛ فهدرت بطولات الحركات في تموجات ضعيفة على سطح المجتمع.
وجاء أنطون سعادة.
صفحه نامشخص