الأثرة فيسميها الناس بِرًّا، والرحمة التي تغلب على الشهوة فيسميها الناس عفةً، والرحمة التي تغلب على الطمع فيسميها الناس أمانةً؛ وهي في ضبط الروح لثلاث من الحواس: حاسة الدعة التي يقوم بها حظ الخمول، وحاسة اللذة التي يقوم بها حظ الهوى، وحاسة التملك التي يقوم بها حظ القوة.
وتَزيد الإنسانية على ذلك في نسق شعرها أنها تثبت أن الْبِرَّ من العفةِ والأمانةِ هو على إطلاقه كالأساس لهما؛ فمن نشأ على بر أبويه كان خليقًا أن يتحقق بالعفة والأمانة، وأن العفةَ من الأمانةِ والْبِرِّ هي مساكهما وجامعتهما في النفس، وأن الأمانةَ من الْبِرِّ والعفةِ هي كمالُ هذه الفضائل، وكلهن درجات لحقيقة واحدة، غير أن بعضها أسمى من بعض في الشأن والمنزلة، وبعضها طريق لبعض يجر سبب منها سببًا منها، وأن الرحمة الإنسانية التي هي وحدها الحقيقة الكبرى إنما
1 / 40