عبد العزيز متسائلا في تهكم: إن شاء الله الذي لا تؤمن به.
فقال رياض قلدس باسما: الدين ملك الناس، أما الله فلا علم لنا به، من ذا الذي يستطيع أن يقول لا أومن بالله، أو يقول أومن بالله؟ الأنبياء هم المؤمنون الحقيقيون، وذلك أنهم رأوه أو سمعوه أو خاطبوا رسل وحيه!
فقال كمال: ولكنك تؤمن بالعلم والفن؟ - نعم .. - الإيمان بالعلم له وجاهته، ولكن الفن؟! أنا أفضل أن أومن بالأرواح عن أن أومن بالقصة مثلا!
فحدجه رياض بنظرة عاتية، وقال بهدوء: العلم لغة العقول، والفن لغة الشخصية الإنسانية جميعا! - ما أشبه هذا الكلام بالشعر!
فتقبل رياض تهكم كمال بابتسامة متسامحة، وقال: العلم يجمع البشر في نور أفكاره، والفن يجمعهم في عاطفة سامية إنسانية، وكلاهما يطور البشرية ويدفعها إلى مستقبل أفضل ..
يا للغرور! يكتب قصة من صفحتين كل شهر، ويظن أنه يطور البشرية؛ وأنا لست دونه سماجة، فلأنني ألخص فصلا من كتاب تاريخ الفلسفة لفدنج، أطالب في أعماقي بالمساواة على الأقل بفؤاد جميل الحمزاوي وكيل نيابة الدرب الأحمر، ولكن كيف تطاق الحياة دون ذلك؟ مجانين نحن أم عقلاء أو مجرد أحياء؟ أف من كل شيء! - وما قولك في العلماء الذين لا يشاركونك في حماستك للعلم؟ - لا ينبغي أن نفسر تواضع العلم بالعجز أو اليأس، العلم سحر البشرية ونورها ومرشدها ومعجزاتها، وهو دين المستقبل. - والقصة؟
بدا رياض لأول مرة وهو يداري استياءه، فاستدرك الآخر كالمعتذر: أعني الفن عموما؛ فقال رياض قلدس متسائلا في حماسة: أتستطيع أن تعيش في وحدة مطلقة؟ لا بد من النجوى، من العزاء، من المسرة، من الهداية، من النور، من الرحلة في أنحاء المعمورة والنفس، هذا هو الفن ..
وهنا قال الأستاذ عبد العزيز: خطر لي خاطر، أن نجتمع نحن وبعض الزملاء مرة كل شهر للحديث في شتى الفكر، على أن ينشر حديثنا بعنوان «محاورة شهر كذا» ..
فقال رياض قلدس، وهو يرمق كمال بنظرة ودية: إن حديثنا لن ينقطع، أو هذا ما أوده، أنعد أنفسنا أصدقاء؟
فقال كمال بحماسة صادقة: بكل تأكيد، يجب أن نتقابل في كل فرصة ..
صفحه نامشخص