وأيضا إن الإثبات والنفى ليسا لمن لم أراد أن يبصر بالطريق، وإنما هو للمجرب المتبحر، لأن من شأن المجادل الامتحان والاختبار. من أجل ذلك كان بسطه فى كل لون، فيمتحن البصير، ويمتحن الجاهل، ويمتحن المتزيى بزى أهل العلم. — والناظر فى الحقائق من جمل الأشياء فذاك مجادل بصحة؛ والذى يفعل ذلك بالتخييل فذاك سوفسطائى. — فالمقايس المشاغب والسوفسطائى إنما هما واحد مخيل بالمقياس الصحيح الذى عليه يدين أهل الجدل بالامتحان. فإن صدقت النتيجة من كلامهم لأن الشىء الذى «من أجله» كان مقياسهم معطى. وكل ما مثله مما ليس هو على طريق الصناعة فجميعها من المضلات فى الصناعة، لأن الكتب التى يجاب فيها على أسماء قوم ليست من طريق المماراة والشغب من أجل أن المضلات إنما تقصد لنقض الصناعة، وليست الكتب المنحولة كذلك، وإن كان مذهبها الصدق، كالذى افتعل باسم بقراطيس [وافتعال التربيع الذى يكون بالمنسقس وهو من نصف للدائرة] ولكن كتربيع الدائرة الذى فعله ابروسن الحكيم، إن كان يمكن تربيع الدائرة. إلا أن ذلك لا يكون بالاستقصاء والحقيقة؛ ولذلك وجب أن يكون من طريق السوفسطائية. فالقول يحير إذا لم يكن نفس صنعة الشىء؛ فذلك مقياس مما يرى مخيل؛ وإن كان من نفس الشىء فذاك مقياس بعيد من قول المماراة والشغب، لأنه ما لم يكن من نفس الشىء بالحقيقة والاستقصاء فذاك لغير تخيل، لذلك وجب أن يكون [وجب] مطيعا عالما. 〈فكما〉 أن الظلم
صفحه ۸۴۶