والأبصار (37) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب ) (38) [النور : 37 38]. ويقول سبحانه : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون ) (158) [الأنعام : 158]. ويقول سبحانه : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89) وأزلفت الجنة للمتقين (90) وبرزت الجحيم للغاوين ) (91) [الشعراء : 88 91]. ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) (6) [المطففين : 6]. ( إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ) (106) [الأنبياء : 106].
فرحم الله امرأ ، أحسن لنفسه نظرا ، فرفع عن الوناء (1) ذيله ، واغتنم من الله سبحانه تمهيله ، فحسر (2) عن ذراع ، وشمر بإجماع (3)، وانتبه عن وسن غفلة الغافلين وإن لم يشعروا ، وتيقظ من نوم جهل الجاهلين وإن لم (4) يسهروا ، فعلم أن من رحمة الله بنا ، وحسن معونته لنا على أنفسنا ، أن جعلنا نسقم ونتغير ونبتلى ، بمثل ما يرى من تغير أحوال الدنيا ، في فناء ليلها ونهارها ، وما يغتذى به في برها وبحارها ، من كل مأكول ، أو لباس نسج معمول ، أو غير ذلك من ألوان فتونها ، وما سخر الله من ضروب ماء عيونها ، فنبهنا بذلك كله ، وبما أرانا من تغيره وتبدله ، من قصر مدة آجالنا ، وعلى أنه لا بقاء ولا دوام لنا ، ولو جعلنا ندوم أبدا أو نبقى ، لما جعل بين الدنيا والآخرة فرقا ، ولكان من عتا الخليق (5) ببقائه بادعاء أخبث الدعوى ، ولما امتنع من العاتين ممتنع من سهو ولا هوى.
صفحه ۳۴۳