(الثاني) أن تقديم استغفارهم على استغفار الرسول في الآية يستدعي أن يكون استغفارهم قبل استغفار الرسول ﷺ، كما أن الشافعية استدلوا على وجوب الترتيب في الوضوء بالترتيب المذكور في الآية والسبكي أيضًا منهم، ويقويه ما ورد عن جابر بن عبد الله في صفة حج النبي ﷺ: "ابدءوا بما بدأ الله به". أخرجه النسائي.
و(الثالث) أنه لو سلم أنه ليس في الآية ما يعين أن يكون استغفار الرسول بعد استغفارهم، فلا شك أن في الآية ما يعين أن يكون استغفار الرسول بعد وقوع الظلم منهم، وهذا القدر يكفي لإثبات مرامنا، فإنه يدل دلالة واضحة على أن الاستغفار العام غير كاف فيما هنالك.
و(الرابع) أن في قوله١ أما إن جعلناه معطوفًا على ﴿جَاءُوك﴾ لم يحتج إليه اهـ فإن هذا العطف لا يضرنا أصلًا، فإنه يدل على أن استغفار الرسول بعد وقوع الظلم منهم إذ المعطوف في حكم المعطوف عليه، ولا شك أن جاءوك بعد وقوع الظلم منهم.
(الخامس) من وجوه: الأصل أن قوله٢ "فإذا وجد مجيئهم واستغفارهم فقد تكملت الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ورحمته". مردود بأنا لا نسلم أنه إذا وجد المجيء إلى القبر واستغفارهم عنده وجدت الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ورحمته، فإن الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ورحمته هي المذكورة في الآية، وإنما هي المجيء إليه ﷺ في الحياة بعد الظلم، واستغفارهم عنده في الحياة بعد الظلم، واستغفار الرسول ﷺ لهم في الحياة بعد الظلم، وفي زيارة القبر لا يوجد واحد منها.
(السادس) قوله: "وسيأتي في الأحاديث الآتية ما يدل على أن استغفاره ﷺ لا يتقيد بحال حياته" فيه أنه سيأتي الكلام عليها فانتظره.
(السابع) قوله: "وقد علم من كمال شفقته ﷺ أنه لا يترك ذلك لمن جاءه مستغفرًا ربه"، ظن محض وتخمين صرف ليس عليه أثارة من كتاب ولا سنة فلا يسمع، على أن لنا أن نعارض فنقول: إنه لو كان استغفاره لمن جاءه مستغفرًا بعد
_________
١ أي السبكي في شفائه.
٢ أي المردود عليه دحلان تبعًا للسبكي في شفائه.
1 / 31