معنى انقطاعه بعد الموت؟ إن الحياة البرزخية هل هي مساوية للحياة الدنيوية في كل الأحكام عندكم أم لا؟ والأول بديهي البطلان لإطباق الأمة على انقطاع الأحكام المذكورة من الإمامة الصغرى وغيرها، وعلى الثاني فلا استبعاد في انقطاع حكم المجيء إليه بعد موته ﷺ.
(الرابع) قوله: "فأما استغفاره ﷺ فهو حاصل لجميع المؤمنين بنص قوله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ . فاسد.
بيانه أن المراد باستغفار الرسول الواقع في آية: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ﴾ . الاستغفار بعد وقوع الظلم استغفارًا مستأنفًا، فإن "استغفر" [في قوله] ﴿وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾ . معطوف على ﴿فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ﴾ . وهو الظاهر، أو على ﴿جَاءُوكَ﴾ . كما زعم السبكي في شفاء السقام، وعلى كلا التقديرين يكون بعد وقوع الظلم، أما على الأول فلأن استغفروا الله متأخر عن جاءوك، بدليل فاء التعقيب، والمعطوف في حكم المعطوف عليه، فيكون استغفر لهم الرسول متأخرًا عن جاءوك، وجاءوك متأخرًا عن الظلم، والمتأخر عن المتأخر عن الشيء متأخر عن ذلك الشيء، وأما على الثاني فلأن استغفر لهم الرسول على هذا التقدير معطوف على جاءوك والمعطوف في حكم المعطوف عليه، وجاءوك متأخر عن الظلم فاستغفار الرسول متأخر عن الظلم، فعلم بذلك أن الاستغفار العام المأمور به ﷺ في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ . لا يكفي فيما هنالك، وتدل عليه الآية الأخرى والسنة:
أما الآية فقوله تعالى في سورة الممتحنة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ . فعلم أن الاستغفار العام المأمور به ﷺ لا يكفي بل كان صلي الله عليه وسلم مأمورًا باستغفار آخر وقت أخذ البيعة والتوبة من الشرك والمعاصي.
1 / 27