فأرد عليهم ساخطا: من قال لكم إنني أريد مقابلة الوزير؟ فيجيب علي أحدهم وهو يحاول أن يرضيني: أردنا أن نقول إنه وزير قيصر.
وأنصرف عنهم لأواصل سيري. عما قريب سأجد قيصر، وسأمثل بين يديه. كيف يصدق إخوتي وصحابي أنني مثلت بين يدي قيصر؟ من كان يظن أن هذا سيحدث لرجل مثلي. وأدور من قاعة إلى قاعة، مبهورا بالسحر الذي يتخايل أمام ناظري، في الثريات، والطنافس، والرسوم، والمرايا، والرياش، والتحف الغالية. ولكني سأمضي قدما حتى أجد قيصر، وسوف تشغلني عما أرى أفكاري التي تضطرب في خاطري، وخطابي المنمق الطويل الذي سألقيه بين يديه.
ويقفز أمامي رجل طويل غرق جسده في ثوب رمادي يبدو وكأنه قد خرج من بين الجدران، ليقول لي: أي شيطان جاء بك إلى هنا؟
فأقول له وشجاعتي لا تفارقني: لقد بعث قيصر إلي.
فيقول وهو يرفع حاجبيه من الدهشة: ولكن هذا الجناح مخصص لكبير وزراء قيصر.
فأسأله في صوت رزين: وأين إذن أجد قيصر؟ - اذهب إلى القاعة الكبرى، وهناك فلتسأل كبير التشريفات.
وأقلب الورقة التي كتبت فيها شكواي بين يدي، وحين أفرغ من قراءتها - للمرة الواحدة بعد المائة - يعاودني الأمل في لقاء قيصر، ولكني أصحو على أصوات تناديني من خلفي: أيها الرجل، أيها الرجل.
فألتفت لأجد جماعة من الحراس يتقدمون نحوي. وأجفل لرؤيتهم، وتطرف عيناي إذ تقع على ملابسهم المزركشة بالألوان الحمراء والزرقاء، ويقبض واحد منهم على ذراعي ليقول لي: إنا نبحث عنك منذ ساعات.
فأقول لهم: وأنا أيضا أبحث عن قيصر.
فيعتذر إلي حارس طويل القامة في أدب رقيق: لقد أخطأنا حين تركناك تدخل القصر.
صفحه نامشخص