سر الفصاحة
سر الفصاحة
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ ١ وقوله ﵎: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ ٢ وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ ٣. وأمثال هذا في القرآن كثير.
والقصد الإيجاز فيما وقع فيه حذف كثير حتى حذفت الأجوبة لدلالة الكلام عليها كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ ٤.
كأنه يريد لكان هذا القرآن ولم يقل ذلك.
وقوله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ ٥ كأنه يريد لما كان هذا كله حصلوا على النعيم الذي لا يشوبه كدر أو غير ذلك من الألفاظ ولم يقله. وفي هذا الحذف في الكلام مع الدلالة على المراد فائدة لأن النفس تذهب فيه كل مذهب ولو ورد ظاهرًا في الكلام لاقتصر به على البيان الذي تضمنه فكان حذف الجواب أبلغ لهذه العلة. كما تقول: لو رأيت عليًا بين الصفين وتحذف الجواب فيذهب السامع كل مذهب ولو قلت: لو رأيت عليًا ﵇ بني الصفين لرأيت شجاعًا أو لرأيت رجلًا يقتل الأبطال أو ما يجري هذا المجرى لم يكن في العظم عند السامع بمنزلة حذف الجواب لأنه يذهب مع الحذف كل مذهب ولا يعول على نفس ما كان يرد في اللفظ فقط.
ومما قصد به الإيجار: حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه بحث يقع العلم ويزول اللبس كقوله ﵎: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾ ٦ والمعنى أهل القرية وأصحاب العير.
١ سورة سبأ الآية ٥١. ٢ سورة المنافقون الآية ٤. ٣ سورة يونس الآية ٢٣. ٤ سورة الرعد الآية ٣١. ٥ سورة الزمر الآية ٧١. ٦ سورة يوسف الآية ٨٢.
1 / 210