سر الفصاحة
سر الفصاحة
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
ذلك من الإطالة في العبارة عن المعنى الواحد بالألفاظ الكثيرة لأنه يجوز أن يكون أراد خطبة تكثر فيها المعاني والألفاظ على ما قدمناه.
ومن أمثلة الإيجاز والاختصار قول الله ﵎: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ ١.
لأن هذه الألفاظ على إيجازها قد عبر بها عن معنى كثير وذلك أن المراد يها أن الإنسان إذا علم أنه متى قتل قتل كان ذلك داعيًا هل قويًا إلى أن لا يقدم على القتل فارتفع بالقتل الذي هو قصاص كثير من قتل بعضهم لبعض فكان ارتفاع التقل حياة لهم وهذا معنى إذا عبر عنه بهذه الألفاظ اليسيرة في قوله تعالى ولكم في القصاص حياة كان ذلك من أعلى طبقات الإيجاز.
وقد استحسن أيضًا في هذا المعنى قولهم: القتل أنفى للقتل. وبينه وبين لفظ القرآن تفاوت في البلاغة وذلك من وجوه: أحدها أنه ليس كل قتل ينفى القتل وإنما القتل الذي ينفيه ما كان على وجه القصاص والعدل ففي ذكر القصاص بيان للمعنى وكشف للغرض وثانيها أن في قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ من إبانة الغرض المرغوب فيه بذكر الحياة ما ليس في قوله القتل أنفى للقتل وهذه زيادة في الإيضاح وثالثها أن نظير قوله القتل أنفى للقتل القصاص حياة والقصاص حياة أوجز لأنه عشرة أحرف والقتل أنفى للقتل أربعة عشر حرفًا ورابعها أن في القتل أنفى للقتل تكريرًا وليس في القصاص حياة تكرير وقد قدمنا أن تكرير الحروف عيب في الكلام على ما ذكرناه فيما مضى من هذا الكتاب.
ومن الإيجاز أيضًا قوله ﵎: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا
١ سورة البقرة الآية ١٧٩.
1 / 209