وقد ذكره أبو علي بعد هذا في كتابه فقال: أبو قيس ابن رفاعة، وذلك في الحديث الذي رواه الثوري عن أبي عبيدة، قال: كان أبو قيس ابن رفاعة يفد سنة إلى النعمان اللخمي وسنة إلى الحارث ابن أبي شمر الغسّاني، فقال له يومًا وهو عنده: يا ابن رفاعة، بلغني أنك تفضّل النعمان عليّ، وساق الحديث إلى آخره. وهكذا ذكره ابن سلاّم أبو قيس. وهو من شعراء يهود من طبقة الربيع ابن أبي الحقيق النضيري ونظرائه. وهو شاعر مقلّ أحسبه جاهليًّا، وليس في الشعر الذي أنشده له عبد الملك مزيد. وقوله بلا ذنب ولا ترة يقول من صلى بناري أي من جاورني ولم يكن لي عنده ترة ولا أذنب عليّ ذنبًا صلى بنار كريم لا يغدر جاره ولا يخفر ذمتّه، والنار تضرب مثلًا للمجاورة، قال رسول الله ﷺ: أنا برئ من كل مسلم مع مشرك لا تتراءى ناراهما. أي لا تتدانى من قولك دورنا تناظر، وإذا أتيت موضع كذا فنظر إليك الجبل فخذ كذا. وقيل بل الناران مثل للحرب أي حرب المسلمين لله وحرب المشركين للشيطان، فكيف تتراءى. يقول: إنه لا يترك وترًا ولا يحلم عنه ولا يقصّر فيه كقوله في آخر الشعر: إني لدرّاك بأوتار الخ. وقوله: كي لا ألام على نهى: أراد على ترك نهى فحذف كما تقدم في قوله: وأهلك مهر أبيك الدواء. وقوله: لترجعنّ أحاديثا ملعّنة، أي مذمومة مبعّدة. وقوله: فإني له رهن بإصحار، أي لا أستتر عنه ولا أتحصّن منه بل أبدو له في البراز وأصحر إليه في الفضاء السهل كما قال الآخر:
1 / 57