8
ما أسرع السنوات وأبطأ الأيام والساعات!
استطاع دياب ومراد أن يجمعا الناس حولهما بشتى طرق ومختلف سبل لا يقصران في مجاملة أو مال أو تهنئة أو مواساة. ويكاد لا يمر بهما أسبوع أو أسبوعان دون أن يولما الولائم.
حتى إذ حل موعد الانتخابات كان الحاج دياب قد أخذ أهبته كاملة للترشيح.
وصدق فكري راشد وعده له بعد أن قدم دياب للحزب ضعفي ما كان يدفع كامل الزيني.
ورشح حزب الوفد الحاج دياب طلبة ليكون نائبه في هذه الدائرة، وكان للوفد في هذه الانتخابات كفة راجحة غاية الرجحان؛ لأن الشعب المصري لا يحب أن يبقى حزب أو حزبان فترة طويلة في الحكم أقصى فيها حزب الوفد عن الوزارة.
ويعلم الله أن الوفد قد كسب من ابتعاده عن الحكم أضعاف ما كسب خصومه من بقائهم في الحكم.
فالوفد لم يكمل دورة واحدة في حياته، فما أن يتولى الوزارة ويمضي به بعض الوقت، ويبدأ الشعب في كراهيته كما يكره المحكوم حاكمه الظالم حتى يقيله الملك، فتنقلب كراهية الشعب له إقبالا عليه وإعجابا به، لا حبا فيه وإنما كراهية لفكرة الإقالة ذاتها التي أصرت إنجلترا المحتلة أن توضع في الدستور اطمئنانا منهم أن أحدا من الملوك لن يجرؤ على معارضتهم إذا هم أرادوا أن يغيروا الوزارة ويأتوا برئيس جديد، كما أتوا بمصطفى النحاس في حادث 4 فبراير الشهير الجهير الحقير.
نجح الحاج دياب طلبة في الانتخابات وجلس تحت قبة البرلمان، ولا ينسى أحد كم كان فرحا سعيدا حتى لقد لبس وشاح النواب، وذهب إلى مقهى لونابارك في القاهرة منذ باكر الصباح قبل موعد الافتتاح ليعلم كل من يمر به أنه عضو بمجلس النواب.
كان عليه أن يختار بين العمودية والنيابة في ثلاثة أشهر. وطبعا هو لم ينفق هذا الإنفاق من ماله وجهده ليبقى آخر الأمر بالعمودية.
صفحه نامشخص