شیوعیت و انسانیت در شریعت اسلام
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
ژانرها
ويتبعهما في هذا المعنى أقطاب المذهب من الدعاة والباحثين الغربيين أو الروسيين.
ولكنهم يحرصون على تغليب فكرة الإنتاج وقيام المجتمع بغير طبقات، فلا ينتهون بهذه الخصائص الفردية إلى النتيجة التي تقتضيها، وهي تقتضي أن يكون الأفراد هم المؤثرين في مجرى التاريخ العام مهما يكن معنى التفاعل بين المشارب والإرادات، فإن الهيدروجين يظل فعالا في تكوين الماء، ولو أطلقنا على السائل اسما آخر لا نذكر فيه الهيدروجين، ونظل نعتمد على الهيدروجين، ولا نعتمد على عنصر غيره كلما أردنا تكوين الماء أو تحليله بعد تكوينه. ومهما يكن من تغير المظهر الخارجي بعد الامتزاج والتفاعل، فنحن لا نلغي عنصرا واحدا من عناصر المزيج، ولا نمنع خاصة واحدة من خواصه حيثما أردنا ذلك التفاعل وحرصنا على كيانه الصحيح.
إن المزيج الكيمي المتفاعل يتطلب منا أن نحافظ على الصفة المستقلة لكل جزء من أجزاء ذلك المزيج، ولا يتطلب منا أن نجور على ذرة من ذراته؛ لأن المزيج هو الغرض المقصود في النهاية، بل يوجب علينا حرصا على ذلك الغرض الأخير أن نبدأ بالحرص على الأجزاء، ونعرف أنها تعمل عملها؛ لأنها أجزاء يحافظ كل منها على خصائصه وفواعله بغير انتقاض ولا تشويه.
فلا تطور بالنسبة للكائن الحي المسمى بالإنسان إلا أن يستوفي كيانه الفردي، وأن تتم له الشخصية الإنسانية بتبعاتها وحرياتها، وأن نعتبره قوة عاملة في بيئته بغير لف من هنا أو دوران من هناك لنمسح باليسار ما نقرره باليمين.
إن الجزء شيء حقيقي وبغيره لا يوجد المزيج الكيمي كيفما اختلف به التفاعل والتشكيل، وإن الفرد شيء حقيقي وبغيره لا يوجد الأثر الاجتماعي كيفما كان المجتمع على التعميم، أما نوع الإنسان فلا يكون له تطور إلا أن يكون تطورا محيطا بالنوع غير محدود باللون أو بالسلالة أو بالطبقة أو بالجماعة، ولا يكون تطورا إنسانيا وهو خاص بطبقة أو بقوم أو بسلالة أو بإقليم.
ونكاد ندخل في المفارقات اللفظية إذا تكلمنا عن ارتقاء نوع الإنسان، ولم نقصد بذلك شمول الارتقاء لكل ما تمخضت عنه جهود النوع من المزايا والملكات والقابليات والأطوار. •••
إن الكلمة نفسها تكاد توحي لنا بمعناها الذي لا تقبل معنى سواه، فكل تطور إنساني هو تطور للفرد في طريق الكيان التام والشخصية المستقلة، وكل تطور للنوع فهو إحاطة بالفضائل النوعية في أوسع نطاق يحتويها: نطاق النوع الذي لا تخفيه حواجز الألوان والسلالات والطبقات.
وإذا كان هذا هو حكم العقل وحكم الواقع بين أيدينا، فهو كذلك حكم التاريخ حيثما وضح له معنى مطرد في شعابه المتفرقة وسياقه المتلاحق دورا بعد دور ومجالا بعد مجال.
سألنا في كتابنا عن «غاندي» في فصل عن «العناية الإلهية وتاريخ الإنسان»: هل للتاريخ الإنساني وجهة معينة نستطيع أن نتبينها من جملة الحوادث الماضية ؟
ثم قلنا: إنه سؤال يتوقف جوابه على سؤال آخر وهو: ماذا عسى أن تكون وجهة التاريخ المعقولة إذا تخيلنا له اتجاها يتوخاه على نهج مرسوم؟
صفحه نامشخص