شیوعیت و انسانیت در شریعت اسلام
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
ژانرها
كلتا الطبقتين كانت تملك الضياع، وتملك التجارة وسفن الملاحة، وتملك العبيد الأرقاء العاملين في الزراعة والتجارة والصناعة والمناجم المباحة لغير الدولة، وهذه مسألة أصيلة في المذهب المادي وليست بالمسألة العرضية التي تحتمل القولين: إنها مسألة الإنتاج في عهد الرقيق، فإن قامت قام معها المذهب وإن سقطت سقط معها ولم تقم له قائمة، فماذا كان بين الطبقتين من الفوارق في وسائل الإنتاج وفي تسخير الرقيق؟ ولماذا بقي فارق النسب - أو دعوى النسب - إلى نهاية الدولة الرومانية قبيل وقوعها في أيدي البرابرة تمهيدا لعهد الإقطاع ثم عهود الفرسان؟
ولماذا انتهى عهد السادة، ولم يقم بعده عهد العبيد الأرقاء تبعا للأحجية الفلسفية، التي جعلت النقيض مولدا للنقيض؟
إن نهاية رأس المال بداية عهد الأجراء، كما نعلم من جميع المقدمات والنتائج الماركسية، فلماذا لم يستول الرقيق على أزمة الإنتاج بعد زوال عهد السادة من سراة الأشراف والسوقة الرومانيين؟!
وأين هما النقيضان في عهد من العهود؟ لماذا يكون الملك البربري نقيضا للشعب البربري؟! ولماذا يكون الإقطاع نقيضا للرق؟ ولماذا تكون الصناعة نقيضا للإقطاع والرق مجتمعين؟!
هذه نقائض «أحاجي» وتخمينات لا يصدق عليها معنى النقيض في المنطق ولا في العلم ولا في الصفات الاجتماعية، وإنما يجب أن تكون نقائض في عرف الماديين؛ لأنها يجب أن تكون درجات متوالية في السلم الذي ينحدر إلى الهاوية: هاوية الخراب. •••
كان الخلط في المبادئ والتفسيرات عند الكلام على المجتمعات البدائية، فلما اقتربنا من عصور التواريخ المدونة تكاثر الخلط في الوقائع والنظم المقررة، وجعل يستشري ويمتد من عصر البربرية إلى عصر الرق إلى عصر الفروسية إلى عصر الصناعة الكبرى، وأول دلائل الخلط في عصر الفروسية أو وسائل الإنتاج لم تتغير بين العصرين: عصر الرق وعصر الإقطاع، فآلات النسيج وآلات الري وآلات الصناعة المعدنية ومتاجر الموانئ ومصارف الحواضر، لم يتغير منها شيء بين زمن وزمن إلا كما كانت الآلات والأدوات تتغير بين مكان ومكان، أي أنه كان تغييرا محليا لا يرتبط بالنظم الحكومية.
وثاني دلائل الخلط في هذا العصر - عصر الفروسية - أن فرسان الإقطاع لم يكونوا طبقة متضامنة متكافلة، ولكنهم كانوا آحادا متنافسين متنافرين، يفترقون أو يتفقون كما كان الملوك والأمراء يفترقون أو يتفقون لأنهم في الواقع كانوا أمراء صغارا يجرون في التحالف والتخالف على سنة الأمراء الكبار، ويقفون جملة أمام جملة تدخل فيها جميع الطوائف والطبقات.
والعامل المهم في انتشار هؤلاء الفرسان بين الأقاليم أو الإقطاعات أن السلطة المركزية سقطت «أولا» بعد انقسام الدولة الرومانية إلى شرقية وغربية، ثم سقطت سقوطها الأخير بعد اضمحلال الدولتين، وتفرق الولايات والأقاليم بين الرؤساء البارزين فيها.
ولو أراد «كارل ماركس» لقال: إن الرعايا من الفلاحين والتجار والصناع احتاجوا في هذا العصر إلى الحماية، فنشأ نظام الفرسان موافقا لهذه الحالة واستقر بعد نشوئه؛ لأنه كان لازما لمصالح الطرفين.
ولو أنه قال ذلك لما خرج على تفسيراته المادية، ولكان مقاله أقرب إلى المعقول وأشبه بطبائع الأمور؛ لأن الفرسان عدد قليل لا يزيد على الآحاد في كل إقليم، ورعاياهم أضعاف أضعافهم يعدون أحيانا بمئات الألوف، ولأن الفلاحين والتجار والصناع في كل إقليم كانوا يخشون أن يغير عليهم أبناء الأقاليم الأخرى، ويتسلطوا عليهم في ديارهم ويسوموهم تكاليف السيادتين في وقت واحد، سيادة الفارس الأعلى صاحب الكلمة النافذة في الإقليم، وسيادة الرعايا لأمثالهم في مرافق الزراعة والصناعة والتجارة.
صفحه نامشخص