دوام القيام: تنبيه على إقامة القلب مع الله - عز وجل - على نعت واحد من الحضور، وكما تجب حراسة الرأس والعين عن الإلتفات إلى الجهات فكذلك تجب حراسة القلب عن الإلتفات إلى غير الصلاة، فإن التفت فذكره باطلاع الله عليك وإقباله إليك، فكيف أنت تتهاون بمناجاته بالغفلة والإعراض عنه ؟! وقبح ذلك عليه حتى يعود إلى الصلاة، وألزم الخشوع للقلب حتى لا يلتفت، فإن ثمرة الخشوع الخلاص عن الالتفات ظاهرا وباطنا، فمهما خشع الباطن خشع الظاهر؛ ومن يطمئن بين يدي غير الله - عز وجل - خاشعا وتضطرب أطرافه بين يدي الله تعالى ولا تخشع فإنما ذلك لقلة معرفته بجلال الله تعالى وقصور علمه بإطلاعه تعالى على سره وضميره.
الركوع والسجود: ينبغي أن تجدد ذكر كبرياء الله تعالى وعظمته وأنت متذلل متواضع، وتستعين على تقرير ذلك في قلبك بلسانك فتسبح ربك وتشهد له بالعظمة فإنه أعظم من كل عظيم، وتكرر ذلك على قلبك لتؤكده بالتكرار؛ ثم ترتفع من ركوعك راجيا أنه أرحم الراحمين وتقول: " سمع الله لمن حمده " أي أجاب الله لمن شكره، ثم تردف ذلك بالشكر فتقول: " ربنا ولك الحمد"؛ ثم تهوي إلى السجود وهو أعلى درجات الخضوع والاستكانة، فمكن أعز أعضائك وهو الوجه من التراب؛ فعندها جدد على قلبك عظمة الله سبحانه فقل: " سبحان ربي الأعلى " وأكده بالتكرار، فإذا رق قلبك فليصدق رجاؤك في رحمة ربك، فإن رحمته تسارع إلى الضعف والانكسار لا إلى الترفع والاستكبار، فارفع رأسك من السجود مكبرا ثم أكد التواضع بالتكرار فعد إلى السجود ثانيا كذلك.
صفحه ۹